كشف اللواء محمد إبراهيم الدويري، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، عن تفاصيل جديدة تتعلق بعملية تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في عام 2011.
تفاصيل عملية الاختطاف
أكد الدويري، في تصريحات تلفزيونية، أنه تواجد في قطاع غزة خلال حادثة اختطاف شاليط، ضمن وفد أمني مصري مكلف بالإشراف على انسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من القطاع. وأشار إلى أن تلك المهمة تطورت لتشمل العديد من المهام الأخرى بسبب التحديات التي كانت تعاني منها غزة آنذاك.
وأوضح أن الوفد المصري لم يفاجأ بخبر الاختطاف، حيث كان الوضع في غزة يتيح حدوث ذلك. وأكد أن حماس ولجان المقاومة الشعبية و”جيش الإسلام” أصدروا بياناً بعد ساعات قليلة من تكبيل شاليط، بينما كانت مصر قد علمت بالحادثة قبل ذلك.
التواصل مع حماس
وأضاف الدويري أنه بعد أربعة أيام من الاختطاف، اتصل بهم أحد قيادات حماس السياسية، الذي لا زال على قيد الحياة، وطالب بلقاء. وأوضح أن حماس أعلنت صراحة أن شاليط محتجز داخل الجناح العسكري للحركة، وأنهم مستعدون للإفراج عنه مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين بضمانة مصرية.
تم إرسال هذا الطلب إلى القاهرة في انتظار التعليمات، التي جاءت ببدء المفاوضات لاستطلاع مطالب حماس والتفكير في كيفية التعامل مع الجانب الإسرائيلي للخروج بحلول.
التحديات الإسرائيلية
ذكر أن الوساطة في قضايا الأسرى كانت تجربة جديدة على الوفد الأمني المصري، لكن علاقاته المتميزة مع كافة الفصائل الفلسطينية، ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع، كان لهما دور بارز في تحقيق النجاح. كما أشار إلى أن مقر إقامة الوفد المصري كان يعد ملاذاً آمناً للمسؤولين الفلسطينيين في أوقات الأزمات.
وأوضح الدويري أن إسرائيل فشلت فشلاً ذريعاً في تحديد موقع شاليط، إذ نجحت حماس في إخفائه لمدة خمس سنوات وأربعة أشهر. وأضاف، أن هذا يُظهر كفاءة عالية توازي فشل إسرائيل في معرفة مواقع الرهائن الحالية.
مفاوضات تحت النار
كشف أيضاً أن المفاوضات كانت تتم تحت ضغط مستمر، حيث حاول الإسرائيليون أكثر من مرة طمأنة أنفسهم بشأن صحة شاليط من خلاله، لكنه أكد على رفضهم لأية زيارة خوفاً من أن تؤدي تلك الخطوة إلى قصف مكان احتجازه.
وذكر الدويري أن قضية شاليط مرت بثلاث مراحل خلال خمس سنوات ونصف. المرحلة الأولى بدأت بعد الاختطاف وانتهت مع انقضاض حماس على السلطة، والثانية بعد ذلك، في حين المرحلة الثالثة كانت تتعلق بإنجاز الصفقة.
دور مصر في القضية
وفي حديثه عن العلاقات السياسية، ذكر أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك اتصل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد أيام من عملية الاختطاف،حثه على السعي لإنهاء الصفقة في أسرع وقت ممكن. وأشار إلى أن إسرائيل وحماس لم تكن ترغب في دور للسلطة الفلسطينية بالرغم من العلاقات الجيدة بينهما في ذلك الوقت.
استعرض الدويري الأسس الثلاثة التي اعتمدت عليها مصر في جهود الوساطة؛ أولها المنظور الوطني، وثانيها الشراكة الكاملة في القضية الفلسطينية، وثالثها المنظور الإنساني، نظراً لوجود نحو 12 ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، العديد منهم محكومون بأحكام قاسية أو بحاجة إلى رعاية صحية.
العلاقات المتوترة
أكد على أن مصر سعت لتوسيع دائرة النقاش من قضية شاليط الضيقة إلى قضايا أوسع تتعلق بالصراع الفلسطيني بشكل عام، مشيراً إلى أن التعامل مع الأمور كان معقدًا للغاية نظرًا لتوتر العلاقات بين حماس والسلطة. كما أضاف أن الوفد الأمني المصري واجه تهديدات فعلية وتعرض لمواقف خطيرة أثناء المفاوضات.
ختاماً، أشار الدويري إلى الجو العام من المخاطر التي كانت تحيط بمفاوضاتهم، حيث كان الوفد يتفاوض في ظروف غاية في الصعوبة، مما يوضح دقة وتعقد هذه العملية الحيوية.