مع بدء العد التنازلي لإغلاق باب تسجيل الرغبات في المرحلة الأولى من تنسيق القبول بالجامعات المصرية لعام 2025، يترقب الآلاف من طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم كل معلومة تخص هذا المسار المصيري. في هذا السياق، قدم الكاتب الصحفي رفعت فياض، مدير تحرير أخبار اليوم والخبير المتخصص في شؤون التعليم، تحليلا لأبرز ملامح هذا التنسيق، والتحديات التي يواجهها الطلاب، ومستقبل التعليم العالي في مصر.
تنسيق 2025: أرقام وتحديات
أوضح الكاتب الصحفي رفعت فياض أن عملية تنسيق هذا العام تتميز بتعاملها مع شريحتين من طلاب الثانوية العامة: الأولى من خريجي النظام القديم بإجمالي مجموع 410 درجات، والأخرى من خريجي النظام الجديد الذي يعتمد على مجموع 320 درجة.
وأشار فياض إلى أن هذا التباين يتطلب فهمًا عميقًا لآلية تأثيره على الحدود الدنيا للقبول بالجامعات.
وكشف فياض عن توقعاته بأن يشهد الحد الأدنى للقبول -لا سيما في كليات القمة كالطب- ارتفاعًا طفيفًا قد يتراوح بين 2 إلى 3% مقارنة بالعام الماضي. وفسر فياض هذا التوقع بأن “نوعية المجاميع المتفوقة هذا العام قد تفسر هذا الارتفاع، على الرغم من أن عدد طلاب المرحلة الأولى أقل بحوالي 15 ألف طالب”.
وأضاف رفعت فياض أن النسب المعلنة للمرحلة الأولى جاءت كالتالي: علمي علوم 91.56%، علمي رياضة 88.44%، أدبي 72.81%.
وتابع فياض مؤكدًا أن هذه الأرقام هي مجرد مؤشرات، وأن “الكرة الآن في ملعب الطلاب لترتيب رغباتهم بعناية فائقة”.
نظام البكالوريا الجديد: رؤية لمستقبل التعليم
سلط فياض الضوء على مستقبل التعليم ما قبل الجامعي، مشيرًا إلى أن مصر على أعتاب تطبيق نظام البكالوريا الجديد. وقال إن هذا النظام يمثل “قفزة نوعية ستغير وجه التعليم في مصر”، مستعرضًا أبرز مميزاته:
يمتد على مدار عامين دراسيين، مما يخفف من الضغط النفسي على الطلاب.
يتضمن أربعة مسارات تعليمية مختلفة، تتيح للطلاب التخصص مبكرًا.
يمنح إمكانية تحسين الدرجات أكثر من مرة، وهي ميزة ذهبية تتيح للطلاب تحقيق أفضل أداء.
يوفر مرونة تغيير المسار التعليمي بعد السنة الثالثة، مما يقلل من فرص الوقوع في اختيار غير مناسب.
وأكد فياض أن “هذا النظام سيعالج الكثير من المشكلات التي نعاني منها حاليًا في الثانوية العامة، وسيساهم في تخريج طلاب أكثر نضجًا ووعيًا بمساراتهم الأكاديمية.”
“كليات القمة”: مفهوم فياض يصحح المسار
تطرق فياض أيضًا إلى الجدل الدائر حول مفهوم “كليات القمة”، مشددًا على أنه “مفهوم اجتماعي بحت، وليس له أي أساس أكاديمي موضوعي”. وأوضح أن “الكلية الأفضل للطالب هي تلك التي يجد فيها شغفه، قدرته على الإبداع، والمجال الذي يستطيع أن يتميز فيه حقًا”.
وقدّر فياض أن حوالي 25 إلى 30% من طلاب كليات الطب قد يفشلون في عامهم الأول، مضيفًا أن السبب لا يكمن في عدم ذكائهم، بل “في عدم وجود اهتمام حقيقي بالمجال”. ودعا رفعت فياض إلى ترسيخ فكرة أن “النجاح والتفوق ليس حكرًا على تخصصات بعينها، بل هو نتاج للعمل الجاد والشغف الحقيقي”.
خريطة الجامعات المصرية: تنوع يلبي الطموحات
استعرض فياض التنوع الكبير في الجامعات المصرية، مشيرًا إلى أنها باتت تلبي احتياجات وطموحات الطلاب المختلفة، ولم تعد تقتصر على النمط التقليدي. مشيرا إلى أربعة أنواع رئيسية، وهي:
الجامعات الحكومية (28 جامعة)والتي تمثل “عصب التعليم العالي”.
الجامعات الخاصة، وهي تؤدي دورًا مهمًا في تقديم خيارات تعليمية متنوعة.
الجامعات الأهلية (32 جامعة)، وهي تمثل “تطورًا مهمًا للغاية”، حيث تقدم هذه الجامعات “تعليمًا عالي الجودة بتكاليف أقل من الخاصة، وتتميز بتقديم برامج وتخصصات فريدة تتواكب مع احتياجات سوق العمل”. مشيرا إلى افتتاح 10 جامعات أهلية جديدة هذا العام.
الجامعات التكنولوجية (حوالي 10 جامعات)، والتي وصفها بأنها “أملنا في الارتقاء بالتعليم الفني”، حيث تستقبل 70% من خريجي التعليم الفني وتؤهلهم لسوق العمل بمهارات متقدمة.
نصائح فياض الذهبية لتنسيق ناجح
قدم رفعت فياض مجموعة من النصائح “الذهبية” للطلاب وأولياء الأمور لضمان عملية تنسيق ناجحة وخالية من الأخطاء:
استغلال جميع الرغبات الـ 75: حيث شدد على ضرورة “عدم ترك أي رغبة فارغة، فكل رغبة هي فرصة قد تفتح بابًا لمستقبل مشرق”.
ترتيب الرغبات بعناية فائقة: مع إعطاء الأولوية للميول الشخصية ثم للقرب الجغرافي.
الالتزام بالتوزيع الجغرافي: واصفًا إياه بالأمر الحاسم، حيث نصح فياض بترتيب كليات النطاق الجغرافي أولاً.
الحفاظ على سرية الرقم السري، محذرا من مشاركة هذا الرقم، “فهو مفتاح مستقبلكم”.
المراجعة والتعديل مسموح به، مشيرا إلى إمكانية تعديل الرغبات عدة مرات قبل الإغلاق، مع اعتبار آخر عملية حفظ هي النهائية.
“تقليل الاغتراب” فرصة وليست مضمونة، أوضح فياض أنه يخضع لنسبة تتراوح بين 10-20% من استيعاب الكلية، وليس مضمونًا للجميع.
عدم الضغط على الأبناء: اختتم فياض نصائحه بالدعوة إلى أن يكون دور أولياء الأمور “دعمًا وتوجيهًا، وليس فرضًا للرأي”، وترك مساحة للأبناء للاختيار بناءً على شغفهم وقدراتهم.
وشدد فياض على أن “مستقبل أبنائنا أمانة في أعناقنا، وبالتخطيط الجيد والفهم الواعي لآليات التنسيق، يمكننا أن نضمن لهم أفضل بداية لمسيرتهم الجامعية”.