مع استمرار التحولات في قطاع الطاقة العالمي، يبرز إقليم كردستان العراق كفرصة استثمارية معقدة واستراتيجية للولايات المتحدة. الانخراط الأمريكي في الإقليم، رغم التوترات بين بغداد وأربيل، قد يعيد تشكيل توازنات القوى، ويعزز الإصلاح الاقتصادي، ويواجه القوى المزعزعة للاستقرار، وفق خبراء يرون أن ذلك مشروط بإدارة دقيقة للتحديات القانونية والأمنية.
تصاعد التوترات النفطية
شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا في التوترات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، بعد هجمات بطائرات مسيرة استهدفت حقول نفطية رئيسية.
أدت الهجمات، التي نُسبت إلى فصائل موالية لإيران، إلى توقف مؤقت في الإنتاج، وصل إلى 200 ألف برميل يومياً، وأضرار بأصول تديرها شركات أمريكية.
هشاشة قطاع الطاقة
سلط هذا التصعيد الضوء على الهشاشة الاستراتيجية في قطاع الطاقة بإقليم كردستان، في ظل النزاعات القانونية بين بغداد وأربيل التي تعطل الإنتاج والنقل عبر خطوط الأنابيب.
تسبب الوضع المتقلب في عدم استقرار اقتصادي حاد وخسائر كبيرة في الإيرادات، مما يبرز خلافات عميقة بشأن السلطة الدستورية، والتحكم بالإيرادات، والسيادة.
اتفاق إطاري جديد
اتفاق إطاري تم التوصل إليه مؤخرًا بين بغداد وأربيل، يضع خريطة طريق لحل التعقيدات، لكن جوهر النزاع يكمن في خلاف دستوري حول حق حكومة إقليم كردستان في استغلال مواردها بشكل مستقل.
في عام 2022، قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لعام 2007، لكن المحكمة التجارية في بغداد ألغت هذا الحكم في أوائل عام 2025، معيدة الاعتراف بعقود شركات النفط الدولية.
احتياطيات كردستان النفطية
تقدر احتياطيات الإقليم بأكثر من 45 مليار برميل من النفط وكميات كبيرة من الغاز الطبيعي. اتفاقات الغاز الموقعة عام 2025 بين شركات أمريكية والإقليم تشير إلى إمكانية تحقيق إيرادات تصل إلى 110 مليارات دولار.
تلعب هذه المشاريع دورًا مهمًا في تأمين إمدادات كافية من الغاز للتخفيف من أزمة نقص الكهرباء في البلاد، وبعد تلبية الاحتياجات المحلية، يمكن تصدير الفائض إلى الأسواق الأوروبية.
تحديات وفرص التوسع
يُمكن لقطاع الطاقة في كردستان تقديم مزيج متنوع من الحقول الناضجة والكتل الواعدة، بمستويات مختلفة من التعقيد الجيوسياسي والجاهزية للتوسع، إضافة إلى حقول واعدة لا تزال في مراحل التطوير المبكرة مثل حقلي طوبخانه وكوردامير.
تستقطب هذه المشاريع اهتمامًا كبيرًا من شركات أمريكية، بدعم من الإدارة الأمريكية، حيث تعد هذه الحقول أصولًا استراتيجية لكردستان والعراق، وتسهم في تعزيز استقلالية الطاقة.
موازنة النفوذ الإقليمي
الإنتاج المستقر للنفط والغاز في ظل بيئة قانونية واضحة ونظام ضريبي معروف، يؤدي إلى استقرار الأسواق الاقتصادية والهياكل السياسية.
الاستثمار الأمريكي الاستراتيجي يساهم في موازنة النفوذ الإيراني والتركي في العراق، ويمكن لواشنطن أن تستخدم الدبلوماسية الاقتصادية لتثبيت الاستقرار في منطقة معرضة للانقسام.
تحفيز الاستثمارات الأخرى
نجاح النموذج الأميركي الكردي يشجع المزيد من الاستثمارات في قطاعات أخرى مثل البناء، والخدمات اللوجيستية، والتكنولوجيا داخل إقليم كردستان والعراق بأكمله، ما يعزز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.