الإثنين 11 أغسطس 2025
spot_img

قمة ترمب-بوتين بألاسكا: تنازلات أوكرانية مرتقبة لإحلال السلام

spot_img

تستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعقد قمة مرتقبة تجمع بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، وسط ترقب لما ستسفر عنه هذه المحادثات من نتائج، وتأثيرها على أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

ويشدد فريق ترامب على أهمية الحوار المباشر بين القوتين العظميين، على غرار قمة يالطا التاريخية التي رسمت ملامح أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، مما يثير تكهنات بإمكانية فرض القمة الحالية واقعًا جديدًا على الساحة الأوكرانية والأوروبية.

قمة تاريخية في ألاسكا

يرى مسؤولون في البيت الأبيض أن القمة تمثل خطوة جريئة نحو تحقيق السلام، مشيرين إلى تصعيد الضغوط الدبلوماسية خلال زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الأخيرة إلى موسكو، والتهديدات بعقوبات صارمة في حال عدم التزام بوتين بوقف إطلاق النار.

يسعى الرئيس ترامب لاستغلال علاقته ببوتين لإنهاء الحرب، لكنه أعرب عن خيبة أمله إزاء ما وصفه بازدواجية المواقف الروسية، ويرى مراقبون أن القمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإيمان ترامب بالدبلوماسية المباشرة.

مقترحات أمريكية محتملة

على الرغم من عدم وضوح تفاصيل المقترحات الأميركية، تشير التوقعات إلى أن التنازلات الإقليمية من الأراضي الأوكرانية لصالح روسيا ستكون محورًا أساسيًا في خطة ترامب للسلام.

كانت الخطة الأولية للقمة تتضمن لقاءً ثنائيًا بين ترامب وبوتين، يتبعه اجتماع ثلاثي بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن بوتين رفض هذه الفكرة.

مشاركة زيلينسكي محل خلاف

أكد نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، وجود مساع لترتيب مشاركة زيلينسكي، معتبرًا أن عقد اجتماع منفصل بين زيلينسكي وبوتين مسبقًا سيكون “غير مثمر”، لكن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري أعرب عن أمله في أن يكون زيلينسكي جزءًا من العملية.

يحمل اختيار ألاسكا، الولاية الأميركية التي كانت جزءًا من روسيا سابقًا، رمزية خاصة، ويعكس صفقات تاريخية بين القوى العظمى، إلا أن هذه الأجواء تخفي وراءها شبكة من الاستراتيجيات والشكوك والمخاطر التي قد تعيد تشكيل المشهد الأمني في أوروبا.

محادثات سلام محتملة

من المتوقع أن تتناول المحادثات المقترحات الروسية الأخيرة، التي تطالب بانسحاب أوكراني من دونيتسك ولوغانسك مقابل تجميد خطوط الصراع في مناطق أخرى.

قد تشمل القضايا المطروحة “مبادلات” إقليمية، مثل تبادل أجزاء من دونيتسك بمناطق تحت السيطرة الروسية في زابوريجيا وخيرسون، إضافة إلى ضمانات أمنية لأوكرانيا قد تتضمن نشر قوات حفظ سلام أوروبية بدلًا من عضوية الناتو.

تحذيرات من تنازلات

يحذر خبراء من تقديم الإدارة الأميركية تنازلات لموسكو بهدف الترويج لنجاح القمة، مقابل تأجيل قضايا السلام الشاملة، مما قد يسمح لبوتين بتحقيق مكاسب دون الالتزام بنهاية دائمة للصراع.

تروج الإدارة الأميركية لاستراتيجية ترامب “السلام من خلال القوة”، المستوحاة من عهد ريغان، والتي تضمنت الضغط على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي والمساعدات لأوكرانيا، والتهديد بفرض رسوم جمركية على الدول التي تشتري النفط الروسي.

ضغط لتحقيق مكاسب

يرى الخبير الجيوسياسي، توماس مالينين، أن هذه الاستراتيجية تمثل وسيلة ضغط لفرض صفقة سريعة، حيث ينظر ترامب إلى بوتين كشريك قابل للتفاوض، ويضيف: “يريد ترامب فوزًا سريعًا قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، وهذا النهج قد يعرض أوكرانيا لعدوان متجدد”.

يعتبر الجنرال البريطاني المتقاعد، السير ريتشارد شيريف، أن تفاؤل ترامب بقدرته على فرض أجندته على الرئيس الروسي قد يكون ساذجًا، محذرًا من الثقة بروسيا التي قد تختلق ذرائع لخرق أي اتفاق لوقف إطلاق النار، ويرى أن عقد القمة بحد ذاته سيمثل فوزًا لبوتين يضفي الشرعية عليه.

الرؤية الروسية للأمور

ترى موسكو أن الأمور تسير في صالحها، حيث كتب أليكسي بوشكوف، العضو البارز في مجلس الشيوخ، أن سياسة عزل روسيا انقلبت إلى عزلة لأوروبا وأوكرانيا في سياق المفاوضات الروسية الأميركية.

يرى خبراء أن استراتيجية بوتين تتمحور حول تعظيم المكاسب مع تجنب نهاية حقيقية للحرب، إذ يسعى لترسيخ انتصاراته الإقليمية في دونباس، وإعلان انتهاء الصراع بعد القمة، وتصوير أوكرانيا على أنها الطرف العنيد إذا رفضت الشروط.

استغلال وقف النار

يتوقع محللون أن يستغل بوتين أي وقف لإطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفه، معتبرًا المبادرات الغربية ضعفًا بعد سنوات من التصعيد دون عقاب، كما يرفض المحادثات الثلاثية لتبقى أوكرانيا على الهامش، مما يسمح لروسيا بإملاء شروطها دون تنازلات.

يهدف بوتين إلى تحقيق “صراع متجمد” يعزل أوكرانيا، ويضعف الغرب، ويهيئ روسيا لتحقيق تقدم مستقبلي، مع تجنب المساءلة عن الفظائع المرتكبة.

انتقادات أوكرانية للقمة

ندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإقصاء بلاده من القمة، واصفًا ذلك بأنه “غير دستوري”، ومصرًا على أن أي تغييرات إقليمية تتطلب استفتاءً، وتظهر استطلاعات الرأي أن الأوكرانيين يتقبلون التنازلات من أجل السلام، لكن زيلينسكي يستبعد التنازل الدائم عن الأراضي.

تعتمد خطة زيلينسكي على حشد الحلفاء الأوروبيين لمواجهة أي اتفاق بين ترامب وبوتين، وسط توقعات بأن ترفض أوكرانيا الإنذارات الروسية، مما قد يدفع ترامب إلى إلقاء اللوم على كييف ورفع العقوبات عن روسيا.

اقرأ أيضا

اخترنا لك