عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعًا في مارالاغو بفلوريدا يوم الأحد الماضي، حيث ضم الاجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالإضافة إلى مجموعة من القادة الأوروبيين. جاء هذا اللقاء ليدفع نحو الإعلان عن اجتماع قريب لتحالف يضم 35 دولة، غالبيتها من أوروبا.
على منصته على “إكس”، كتب ماكرون: “نحرز تقدماً في الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا، والتي ستكون محورياً لبلوغ سلام عادل ودائم بين روسيا وأوكرانيا”. وأعلن أن الاجتماع المقبل لمجموعة “تحالف الراغبين” سيعقد في باريس مطلع يناير لوضع اللمسات النهائية على المساهمات الآنية لكل طرف.
زيلينسكي أعلن الثلاثاء أن قمة التحالف ستعقد في السادس من يناير، وسيسبقها اجتماع لمستشاري الأمن القومي في كييف يوم الثالث من الشهر ذاته.
خلفيات الاستعجال الفرنسي
يتسارع التحرك الفرنسي بعد ما تم اعتباره تقدمًا ملحوظًا في المحادثات بين ترامب وزيلينسكي، حيث أكد الرئيس الأوكراني في مؤتمر صحفي مشترك أنه تم إحراز تقدم كبير بشأن الضمانات الأمنية “القوية” التي تلتزم بها الولايات المتحدة.
زيلينسكي أضاف عبر تطبيق “واتساب” أن واشنطن عرضت ضمانات أمنية تمتد لـ15 عاماً، مع طلبه من ترامب تمديدها إلى عشرين أو خمسين عاماً، لردع أي هجوم روسي بعد التوصل إلى اتفاق سلام. وأشار إلى أن ترامب وعده بالاستجابة لطلبه، مؤكدًا أنه “من دون ضمانات أمنية، لا يمكن أن تنتهي هذه الحرب”. لكن زيلينسكي امتنع عن إعطاء تفاصيل حول الضمانات الأمريكية، مكتفيًا بالإشارة إلى أنها تشمل آليات تنفيذ أي اتفاق سلام.
<ح2>أدوار الولايات المتحدة
مشاكل تعرقل الطريق، حيث لم يفصح ترامب عن التزامات بلاده، مما أثار تساؤلات في الأوساط الدبلوماسية الأوروبية. تنظر الدول الجاهزة للمشاركة في “قوة الطمأنة” المرتبطة بتحالف الراغبين إلى وجود ضمان أمريكي للتدخل في حالة حدوث هجمات روسية جديدة. الأوروبيون يطالبون بـ”شبكة أمان” تشمل تعهدًا أمريكيًا بحماية هذه القوة عند الحاجة. في نفس الوقت، ترفض روسيا نشر أي قوات تابعة لدول الناتو على أراضي أوكرانيا، مما يزيد من تعقيد الموقف.
وقد أكدت موسكو أن هذا الأمر يشكل “خطاً أحمر”، مما يدفع الأوروبيين للاعتماد على دور أمريكي لتليين الموقف الروسي، وإلا فإن أي نشر لـ”قوة الطمأنة” سيظل مستبعدًا. ورغم عدم الحديث عن نشر القوة على خط المواجهة، أكد القادة الأوروبيون، بما فيهم ماكرون، أن “قوة الطمأنة” لن تكون قوة قتالية.
التحضيرات والالتزامات
حتى الآن، قدمت دول “تحالف الراغبين” وعودًا بالمشاركة في تقديم الضمانات الأمنية، واعتبرت باريس أن هذه الضمانات تنقسم إلى ثلاثة مستويات. المستوى الأول يشمل الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا، بينما الثاني يتضمن المشاركة الفعلية للقوات العسكرية. العديد من الدول أعلنت استعدادها للمشاركة، أبرزها فرنسا وبريطانيا وإستونيا والنرويج.
في الوقت نفسه، تظل دول مثل بولندا وإيطاليا رافضة للمشاركة بأي وحدات عسكرية. المستوى الثالث يتعلق بالتزامات الولايات المتحدة، حيث أكدت مصادر رئاسية أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أوضح مشاركة بلاده، لكن تفاصيل هذه المشاركة لا تزال غامضة.
أهمية أمن أوروبا
تتزايد أهمية الاجتماع الذي دعا إليه ماكرون، والذي من المتوقع أن يجمع زيلينسكي مع عدد من القادة الأوروبيين. وذلك بسبب تسارع الاتصالات والمشاورات الدبلوماسية التي قد تسهم في تقريب فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار.
هناك حاجة ملحة لتسريع العمل في “تحالف الراغبين”، وتحديد الالتزامات المالية والعسكرية لكل طرف. هيئة أركان جماعية برئاسة ضابط فرنسي تدير خطط الانتشار، بينما ينظر الأوروبيون لمساهماتهم كدليل على وحدتهم وحرصهم على المشاركة الفعّالة في ضمانات أمنية لأوروبا، خاصة في ظل الحاجة الملحة لإنهاء صراع ممتد منذ أربع سنوات.


