الأربعاء 17 سبتمبر 2025
spot_img

قطر تُفرج عن محتجزين بالكونغو… خطوة نحو السلام

spot_img

إطلاق سراح المحتجزين يضيء بارقة أمل في الكونغو الديمقراطية، حيث تمثل الآلية المتفق عليها بين الحكومة وحركة “23 مارس” المدعومة من رواندا، خطوة نحو تهدئة تصعيد مستمر منذ بداية العام، ضمن صراع معقد يمتد لعقود.

آلية إطلاق المحتجزين

تُعد هذه الخطوة، التي أعلن عنها الوسيط القطري وستنفذها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، محطة مهمة في مسار السلام المعقد في الكونغو. يرى خبراء أنها قد تؤدي إلى إجراءات لبناء الثقة، وتعزز فرص تراجع العمليات العسكرية إذا سارت الأمور بشكل طبيعي.

دور الصليب الأحمر

تسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نسخة موقعة من آلية إطلاق سراح المحتجزين، في إطار دورها كوسيط محايد بين طرفي النزاع، وذلك بحضور مسؤولين قطريين وممثلين عن حكومة الكونغو وحركة “23 مارس”.

بموجب هذه الآلية، ستعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تيسير عملية التحديد والتحقق وضمان الإفراج الآمن عن المحتجزين لدى الجانبين، وفقًا لبيان الخارجية القطرية.

محادثات الدوحة

أشار البيان القطري إلى أن توقيع آلية إطلاق سراح المحتجزين يمثل محطة مهمة نحو تحقيق سلام مستدام في شرق الكونغو، خاصة أنها جاءت تتويجًا لمحادثات ناجحة استضافتها الدوحة، حيث اجتمعت الوفود لمراجعة تنفيذ اتفاق مبادئ الدوحة الموقع في يوليو الماضي.

يُذكر أن وزارة الخارجية القطرية كانت قد رعت “إعلان مبادئ” بين حكومة الكونغو والحركة في 19 يوليو الماضي، دون التزام الطرفين بالتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 18 من الشهر نفسه.

النزاع وتداعياته

سيطر متمردو “23 مارس” على مدن رئيسية ومناطق تعدين مربحة في شرق الكونغو، منذ بداية العام. وتعتبر كينشاسا أن نهب ثرواتها المعدنية هو السبب الرئيسي وراء الصراع.

وسبق للجنة الدولية للصليب الأحمر أن ساعدت في نقل أكثر من 1300 عنصر من قوات حكومة الكونغو الذين جرى تجريدهم من السلاح، إضافة إلى أفراد عائلاتهم، من مدينة غوما إلى العاصمة كينشاسا.

تحول نوعي بالمسار

يرى المحلل السياسي التشادي صالح إسحاق عيسى، أن آلية إطلاق سراح المحتجزين تمثل تحولًا نوعيًا في مسار التعامل مع النزاع على المستويين السياسي والإنساني، وهي ليست مجرد خطوة إجرائية، بل تحمل دلالات عميقة على النية المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الحوار والتفاوض.

بناء الثقة المفقودة

وأضاف عيسى أن هذه الخطوة تشير إلى بداية بناء الثقة بين الجانبين، والتي يعتبرها العنصر الأهم الذي غاب في محاولات سابقة لتسوية النزاع، مؤكدًا أن انخراط طرف دولي محايد كاللجنة الدولية للصليب الأحمر يضفي على العملية طابعًا مؤسسيًا يقلل من احتمالات الانهيار.

اختبار النوايا

إطلاق سراح المحتجزين هو اختبار لنوايا الأطراف، وإذا نجح، فقد يمهد الطريق لتسويات أكبر تشمل ترتيبات سياسية وأمنية واقتصادية، في إقليم يعاني منذ عقود التهميش والتوترات الإثنية والمنافسة على الموارد.

يأتي هذا الاتفاق بعد تصاعد عمليات العنف ضد المدنيين في شرق الكونغو، في ظل خفوت مسار المفاوضات وعدم الالتزام بتوقيع اتفاق سلام كان مقرراً قبل نحو شهر.

تصاعد وتيرة الهجمات

سجلت جماعة “القوات الديمقراطية المتحالفة”، الموالية لتنظيم “داعش”، هجومًا أسفر عن مقتل 89 شخصًا، وتواصل الجماعة هجماتها شرق الكونغو مع تصاعد عمليات من حركة “23 مارس” وجماعة “مؤتمر الثورة الشعبية”.

تحديات السلام

شهد مسار السلام في الكونغو 10 محاولات سابقة منذ 2021 دون جدوى، وسط مخاوف دولية، ما دعا مجلس الأمن إلى بحث الأوضاع وحثّ مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا المجلس على ممارسة نفوذه لدعم جهود السلام.

عقبات مستمرة

يرى المحلل السياسي عيسى أن تجاوز عقبات التوصل إلى سلام في ظل استمرار عمليات حركة “23 مارس” والحركات المسلحة الأخرى يشكل تحديًا معقدًا يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية.

ويؤكد أن استمرار العمليات العسكرية يكشف عن فجوة في الثقة، وخلل في آليات الرقابة والتنفيذ، فضلاً عن عمق الأسباب التي تدفع هذه الحركة للاستمرار في القتال.

تحييد المصالح

لا يمكن تجاهل دور الأطراف الإقليمية والدولية، التي قد يكون لها مصالح متشابكة في النزاع، ومن ثم ينبغي تحييد هذه المصالح أو توجيهها لدعم مسار السلام، من خلال ضغط دولي منسق، وضمانات واضحة تواكب العملية السياسية.

ويختتم عيسى بأن استمرار العمليات العسكرية، لا سيما من حركة “23 مارس” التي وقعت اتفاق إطلاق سراح المحتجزين، يجب ألا يُنظر إليه بوصفه حكمًا بالفشل على جهود السلام، بل تنبيهًا إلى أن العملية تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك