إضراب عام يعطّل الحياة في قابس التونسية احتجاجًا على التلوث
شهدت مدينة قابس جنوب تونس، الثلاثاء، توقفًا شبه كامل للحياة، بعد استجابة المؤسسات التعليمية والتجارية الكبرى ومؤسسات القطاع العام لإضراب عام دعا إليه «الاتحاد الجهوي للشغل». يأتي هذا الإضراب احتجاجًا على تفاقم التلوث البيئي والتسربات الغازية المتكررة من المجمع الكيميائي بالمنطقة.
شلل في الحركة
أكد «الاتحاد الجهوي للشغل»، أن نسبة المشاركة في الإضراب العام تجاوزت 95 في المائة، وشملت أغلب القطاعات باستثناء الخدمات الأساسية والاستعجالية في القطاع الصحي. وتسبب الإضراب في خلو الشوارع من حركة السير، بعد مشاركة واسعة من سائقي سيارات الأجرة.
مطالب عاجلة
صرح صلاح الدين بن حامد، الكاتب العام لـ”الاتحاد»، أن المطلب العاجل يتمثل في وقف تشغيل الوحدات الصناعية المتهالكة، المتسببة في الاختناقات الجماعية المتكررة والخطيرة.
احتجاجات شعبية
تجمع المواطنون أمام مقر «الاتحاد الجهوي» للتعبير عن غضبهم، ومطالبة السلطات بتنفيذ قرار حكومي يعود إلى عام 2017، ينص على تفكيك الوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي.
تلوث يهدد البيئة
كما نفذ نشطاء ومحامون وقفة احتجاجية في شارع «محمد علي»، وسط قابس، لدعم مطالب الجهة بالعيش في بيئة صحية وسليمة. وردد المحامون شعارات تطالب بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة.
واحة مهددة
شهدت قابس تزايدًا في حالات الاختناق الجماعية، خاصة بين أطفال مدرسة «شط السلام» القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار استياء الأهالي. وتعتبر قابس من الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن التلوث المستمر منذ تأسيس المجمع الكيميائي سنة 1972، ألحق أضرارًا بالغة بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية.
حلول حكومية مرفوضة
تبدو الحكومة عازمة على استكمال مشروعات سابقة تهدف إلى الحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتجنب التكلفة الاقتصادية والمالية لتفكيكه، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.
تصعيد محتمل
أكد صابر عمار، من حملة «أوقفوا التلوث»، أن الأهالي سيلجأون إلى مزيد من التصعيد، إذا لم تستجب الدولة للمطلب الشعبي بتفكيك الوحدات الملوثة.
اتهامات رئاسية
في محاولة لاحتواء الاحتجاجات المتزايدة، صرح الرئيس قيس سعيد، بأن سكان قابس يتعرضون «لاغتيال بيئي»، لكنه ألقى باللوم على الحكومات السابقة، ودعا إلى معالجة التسربات الكيميائية بشكل عاجل.
مخالفات جسيمة
كشف تقرير رسمي للتدقيق البيئي، أنجز في يوليو 2025، عن «مخالفات جسيمة للمعايير الوطنية والمتطلبات الدولية» خلال بناء المجمع الكيميائي.
أرقام صادمة
أشار التقرير المكون من 160 صفحة، إلى أن المجمع الكيميائي يلقي يوميًا ما بين 14 ألفًا و15 ألف طن من مياه «الفوسفوجيبسوم غير المعالجة في البحر، بالإضافة إلى انبعاثات عالية من الأمونيا وأكاسيد النيتروجين والكبريتات».
تدهور بيئي
أكد التقرير أن هذه التصريفات تسببت في «إلحاق ضرر بالغ بمروج الأعشاب البحرية، وأدت إلى تصحر مناطق بحرية واسعة في خليج قابس».
صعوبة تحديد الأضرار الصحية
لا تتوفر إحصاءات رسمية حول انتشار الأمراض في قابس، كما أن نقص الدراسات يجعل من الصعب ربط هذه الحالات بالتلوث بشكل قاطع، بحسب الدكتور كريم توفيق. ولم يتسن الحصول على تعليق حول عدد الإصابات بالسرطان ومدى ارتباطها بالتلوث الناتج عن المصنع الكيميائي.