الثلاثاء 19 أغسطس 2025
spot_img

في مهمة لـ”الناتو”.. بريطانيا تعزز قدراتها النووية بشراء 12 مقاتلة F-35A

spot_img

أعلنت المملكة المتحدة في 24 يونيو 2025 عن خطط لشراء ما لا يقل عن 12 مقاتلة من طراز F-35A، في خطوة هامة لتعزيز دورها في مهمة الناتو النووية المزدوجة. ووصف رئيس الوزراء كير ستارمر القرار بأنه استثمار حاسم في الأمن القومي وسط حالة من عدم اليقين العالمي المتزايدة.

أهمية مقاتلات F-35A لبريطانيا

تهدف هذه الخطوة، التي توسع أسطول بريطانيا الحالي من طائرات F-35B، إلى تعزيز قدرات سلاح الجو الملكي مع التأكيد على التزام البلاد تجاه الناتو. ومع ذلك، تأتي الصفقة بتكلفة باهظة، تقدر بـ 1 إلى 1.2 مليار دولار للاستحواذ وحده، مع تكاليف إضافية للصيانة والتدريب والتكامل النووي.

قرار بريطانيا بشراء مقاتلات F-35A يمثل تحولًا محوريًا في استراتيجيتها الدفاعية. وعلى عكس طائرة F-35B، التي تتفوق في الإقلاع القصير والهبوط العمودي للعمليات على حاملات الطائرات، توفر F-35A مدى أكبر وقدرة حمولة أكبر وتوافقًا مع مهمة الناتو النووية.

إحياء القدرات النووية الجوية

يعيد هذا الاستحواذ إحياء قدرة بريطانيا النووية التي تطلق من الجو، والتي كانت غائبة منذ نهاية الحرب الباردة. وستندمج الطائرات، المقرر أن تعمل من قاعدة سلاح الجو الملكي في مارham، في إطار عمل الناتو، مما يسمح لبريطانيا بتقاسم العبء النووي للحلف إلى جانب الولايات المتحدة.

وتستجيب هذه الخطوة لما وصفه ستارمر بأنه “عدم يقين جذري” في الأمن العالمي. وتؤكد التوترات المتصاعدة في أوروبا وخارجها على الحاجة إلى أنظمة دفاع متطورة. وأشاد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روتي، بالقرار ووصفه بأنه “مساهمة بريطانية قوية في الناتو”، مسلطًا الضوء على دوره في تعزيز وضع الردع للحلف.

مزايا تكنولوجية وقدرات متطورة

توفر مقاتلات F-35A الشبحية وأجهزة الاستشعار المتقدمة ميزة تكنولوجية، مما يمكن بريطانيا من مواجهة التهديدات المعقدة. وعلاوة على ذلك، يتماشى الشراء مع خطة أوسع للحصول على 138 طائرة من طراز F-35 على مدار عمر البرنامج، مما يشير إلى التزام طويل الأجل بتحديث سلاح الجو الملكي.

يعزز هذا المحور الاستراتيجي أيضًا مكانة بريطانيا كلاعب رئيسي في استراتيجية الردع التابعة لحلف الناتو. إن قدرة F-35A على حمل أسلحة نووية تعزز مرونة الحلف، مما يسمح باستجابة سريعة للتهديدات الناشئة. ويشير المحللون إلى أن هذه القدرة تملأ الفجوة التي خلفتها المنصات القديمة، مما يضمن بقاء بريطانيا ركيزة أساسية في هيكل دفاع الناتو.

عودة قاعدة ليكنهيث

تستعد قاعدة سلاح الجو الملكي ليكنهيث في سوفولك لتصبح حجر الزاوية في استراتيجية الناتو النووية، حيث تستضيف أسلحة نووية أمريكية للمرة الأولى منذ عام 2008. ويؤكد إحياء القاعدة كمركز نووي على دور بريطانيا المتعمق في مهمة الردع التابعة للحلف.

وتجري الاستعدادات لاستيعاب طائرات F-35A، مع ترقيات للحظائر والتخزين الآمن لقنابل B61-12 وأنظمة أمنية محسنة. وتهدف هذه التحسينات، التي تكلف ملايين الدولارات، إلى ضمان استيفاء القاعدة لمعايير الناتو والولايات المتحدة الصارمة للعمليات النووية.

خلفية تاريخية وتطورات جيوسياسية

من الناحية التاريخية، استضافت ليكنهيث أسلحة نووية أمريكية خلال الحرب الباردة، ولكن تم سحبها في عام 2008 وسط انخفاض متصور في التهديدات. المناخ الجيوسياسي المتوتر اليوم، الذي يتميز بأعمال روسيا في أوكرانيا والخطاب الحازم، قد دفع إلى عودتهم.

سيمكن نشر مقاتلات F-35A في ليكنهيث بريطانيا من دعم مهمة الطائرات ذات القدرة المزدوجة التابعة لحلف الناتو، حيث يمكن للطائرات حمل حمولات تقليدية ونووية. ويعزز هذا التحول دور بريطانيا التشغيلي، مما يسمح لها بتقاسم المسؤوليات النووية مع الولايات المتحدة وألمانيا وحلفاء آخرين.

مخاطر وتحديات

ومع ذلك، فإن استضافة الأسلحة النووية تنطوي على مخاطر. يحذر المحللون من أن ليكنهيث يمكن أن تصبح هدفًا رئيسيًا للصواريخ الروسية في حالة الأزمات، مما يرفع المخاطر على الأمن الإقليمي. وذكر هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، في تقرير عام 2024 أن “عودة الأسلحة النووية إلى ليكنهيث تغير بشكل كبير الحسابات الاستراتيجية”.

وأشار إلى أن روسيا قد ترد بتعديل نشر صواريخها، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات. يجب على بريطانيا موازنة هذه المخاطر مع الفوائد الاستراتيجية لوجود أقوى لحلف الناتو.

الاستعداد لمهمة الناتو النووية

إن قدرة مقاتلات F-35A على حمل القنبلة النووية التكتيكية B61-12 يميزها باعتبارها تغير قواعد اللعبة بالنسبة لاستراتيجية الناتو النووية. وعلى عكس مقاتلات F-35B، التي تركز على العمليات الحاملة، فإن تصميم F-35A يعطي الأولوية للتخفي والسرعة وتعدد استخدامات الحمولة.

تم اعتماد الطائرة في عام 2024 لحمل أسلحة نووية، وفقًا لتقرير بريكينغ ديفينس، وهي تدمج أنظمة متطورة لنشر القنبلة B61-12 بدقة. يتيح لها التخفي المراوغ للرادار، جنبًا إلى جنب مع إلكترونيات الطيران المتطورة، اختراق المجال الجوي المتنازع عليه وتنفيذ الضربات بأقل قدر من الاكتشاف.

تعمل القنبلة B61-12 على تعزيز هذه القدرة. تتميز القنبلة بغلة متغيرة من 0.3 إلى 50 كيلوطن، وتوفر مرونة لملفات تعريف المهام المختلفة، من الضربات التكتيكية إلى الردع الاستراتيجي. تعمل مجموعة الذيل الخاصة بها على تحسين الدقة، مما يتيح استهدافًا دقيقًا مقارنة بالقنابل القديمة ذات السقوط الحر مثل تلك التي كانت تحملها طائرات تورنيدو التي سحبتها بريطانيا منذ عقود.

تكلفة الصفقة

يحمل الحصول على 12 طائرة من طراز F-35A سعرًا يقدر بـ 1-1.2 مليار دولار، بناءً على تكلفة الوحدة التي تبلغ حوالي 82.5 مليون دولار، وفقًا لبيانات تسعير شركة Lockheed Martin لعام 2023. ومع ذلك، فإن التكلفة الأولية هي مجرد البداية.

قد يؤدي الصيانة وتدريب الطيارين ودمج الأنظمة النووية إلى رفع النفقات إلى أعلى من ذلك بكثير. وللتوضيح، بلغت تكلفة صفقة بولندا لعام 2020 لشراء 32 طائرة من طراز F-35A 4.6 مليار دولار، بما في ذلك حزم الدعم، مما يشير إلى أن إجمالي استثمار بريطانيا قد يتجاوز 2 مليار دولار بمرور الوقت.

قيود الميزانية والتضخم

يواجه الاقتصاد البريطاني رياحًا معاكسة تجعل شراء مقاتلات F-35A أمرًا مثيرًا للجدل. يؤدي التضخم، الذي يحوم حول 5٪ في منتصف عام 2025، إلى تآكل القوة الشرائية، بينما يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي بطيئًا عند 1.2٪، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية. يضيف عدم الاستقرار السياسي، بما في ذلك المناقشات حول الإنفاق العام، ضغوطًا على ميزانية متوترة بالفعل. تتنافس مخصصات وزارة الدفاع البالغة 60 مليار دولار مع المطالب المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية.

الاستثمار في الأمن أم مخاطرة؟

يجادل المؤيدون بأن شراء مقاتلات F-35A يعزز أمن بريطانيا. تعزز الطائرات قوة الردع التابعة لحلف الناتو، مما يضمن بقاء المملكة المتحدة حليفًا رئيسيًا في مواجهة التهديدات. توفر تقنيتها المتقدمة تعدد استخدامات لا مثيل له، وتعالج التحديات التقليدية والنووية على حد سواء. تخلق الصفقة أيضًا فرص عمل، حيث تدعم شركة BAE Systems وغيرها من الشركات البريطانية إنتاج مقاتلات F-35، مما يعزز الاقتصادات المحلية.

ومع ذلك، يسلط المنتقدون الضوء على المخاطر. تثير تكاليف الصيانة العالية والمشكلات الفنية لطائرة F-35، مثل أعطال البرامج التي تم الإبلاغ عنها في عام 2024، مخاوف بشأن الموثوقية. يحذر بعض الخبراء الماليين من أن “تعقيد البرنامج قد يؤدي إلى تجاوزات في الميزانية”. قد توفر البدائل، مثل ترقية طائرات تايفون الحالية أو الاستثمار في الطائرات بدون طيار، حلولًا فعالة من حيث التكلفة.

سؤال بلا إجابة، في الوقت الحالي

يمثل استحواذ بريطانيا على ما لا يقل عن 12 طائرة من طراز F-35A التزامًا جريئًا تجاه الناتو والأمن القومي. إن إحياء قاعدة سلاح الجو الملكي ليكنهيث كمركز نووي، إلى جانب قدرة F-35A على حمل قنابل B61-12، يضع بريطانيا في طليعة استراتيجية الردع التابعة للحلف. ومع ذلك، فإن السعر البالغ 1-1.2 مليار دولار، إلى جانب تكاليف الصيانة المرتفعة، يثير تساؤلات حول القدرة على تحمل التكاليف في عصر التضخم وقيود الميزانية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك