السبت 6 سبتمبر 2025
spot_img

فرنسا: أزمة سياسية جديدة بعد سقوط حكومة بايرو

spot_img

مع اقتراب سقوط حكومة رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديًا سياسيًا معقدًا يتمثل في اختيار رئيس وزراء جديد، وهو الخامس منذ إعادة انتخابه في أيار 2022. وتأتي هذه التطورات في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي تشهدها فرنسا.

أزمة سياسية فرنسية

تعيش فرنسا فترة اضطرابات سياسية غير مسبوقة منذ قرار الرئيس ماكرون بحل الجمعية الوطنية في حزيران الماضي، وذلك عقب فوز كبير حققه اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي.

أسفرت الانتخابات التشريعية المبكرة عن ظهور ثلاث كتل سياسية رئيسية دون تحقيق أي منها أغلبية واضحة، مما يزيد من صعوبة تشكيل ائتلاف حكومي مستقر. وتضم هذه الكتل تحالفًا يساريًا وآخر لليمين الوسط، بالإضافة إلى كتلة ثالثة لليمين المتطرف.

تصويت على الثقة

تقدم رئيس الوزراء بطلب إجراء تصويت على الثقة لحكومته استنادًا إلى مشروع ميزانية عام 2026، والذي يتضمن خطة لخفض الإنفاق بقيمة 44 مليار دولار وإلغاء يومي عطلة رسمية، وذلك بهدف الحد من الدين العام المتزايد الذي يمثل 114% من الناتج المحلي الإجمالي.

أعلن كل من اليسار واليمين المتطرف معارضتهما للمشروع، مما يجعل سقوط الحكومة أمرًا شبه مؤكد ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الغموض السياسي في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

خيارات ماكرون الصعبة

يطالب مسؤولون من حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) بـ “حل سريع جدًا” للجمعية الوطنية، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب قد يحقق الفوز في الجولة الأولى من انتخابات محتملة.

الرئيس ماكرون لم يستبعد هذا الاحتمال بشكل كامل، مؤكدًا أنه لا يرغب في اللجوء إليه. في المقابل، يدعو حزب “فرنسا الأبية” اليساري الراديكالي إلى استقالة إيمانويل ماكرون.

تحليل المشهد السياسي

يرى ماتيو غالار من معهد “إيبسوس” أن حل البرلمان “لن يغير على الأرجح” الوضع الراهن، استنادًا إلى نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي تشير إلى بقاء موازين القوى على حالها تقريبًا مقارنة بعام 2024.

أظهر استطلاع للرأي أن 64% من الفرنسيين يؤيدون إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن الرئيس ماكرون أكد عزمه على إكمال ولايته حتى عام 2027، ويبقى خياره المفضل هو إيجاد رئيس وزراء جديد.

البحث عن بدائل

كان الحزب الاشتراكي، الذي يمتلك 66 مقعدًا في البرلمان، الأكثر استعدادًا لتقديم بديل، مقترحًا ميزانية تتضمن اقتطاع 22 مليار يورو، يعتمد بشكل أساسي على فرض ضريبة بنسبة 2% على الثروات التي تتجاوز 100 مليون يورو، بالإضافة إلى تعليق العمل بإصلاح نظام التقاعد لعام 2023.

إلا أن الحصول على دعم الأغلبية لهذا البرنامج لن يكون سهلاً، فقد يؤدي هذا الخيار إلى انسحاب حزب “الجمهوريين” اليميني (49 نائبًا)، وحزب “آفاق” بزعامة رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب (يمين الوسط، 34 نائبًا)، وحتى “الحركة الديمقراطية” بزعامة فرنسوا بايرو (وسط، 36 نائبًا).

معارضة يسارية

في المقابل، يندد حزب “فرنسا الأبية” (71 نائبًا)، وهو حليف الاشتراكيين خلال انتخابات العام الماضي، بـ “طبخة كريهة” ستؤدي إلى وصول الحزب الاشتراكي إلى السلطة بالتعاون مع أوساط ماكرون.

يبقى الحل ربما في اختيار رئيس وزراء لا ينتمي إلى الحزب الاشتراكي، ويكون مقبولاً لدى شريحة واسعة من الأطراف السياسية، بدءًا من اليمين الوسط وصولًا إلى الحزب الاشتراكي.

شخصية توافقية

يرى برونو كوتريس، الخبير السياسي في يفيبوف، أنه لا توجد حاليًا كتلة سياسية تمتلك الشرعية الانتخابية اللازمة لإجراء إصلاحات واسعة النطاق، ويقترح تهدئة الوضع ومناقشة المالية العامة بشكل شامل في عام 2027، مع محاولة إيجاد شخصية تبعث على التهدئة تجاه الأسواق المالية والبلاد، ويذكر اسم رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون-بيفيه ووزير الاقتصاد إريك لومبار.

فقدان الثقة

تأتي هذه الأزمة السياسية الجديدة في ظل جو من التشكيك في السياسيين، حيث يرى 90% من الفرنسيين أنهم “لم يثبتوا فاعلية في الاستجابة لمشاكل البلاد”، وذلك وفقًا لاستطلاع للرأي نُشرت نتائجه.

يضاف إلى ذلك دعوة تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ الصيف، تدعو إلى “تعطيل الحركة بالكامل” في 10 أيلول القادم.

دعوات للاحتجاج

تشمل هذه التعبئة المتعددة الأشكال، والتي لا يمكن التنبؤ بحجمها، أطرافًا لا ينتمون إلى أي حزب، ولكنهم يميلون عادة إلى اليسار، مثل “السترات الصفراء”، وناشطين من أحزاب سياسية مثل “فرنسا الأبية”، ونقابات مثل الاتحاد العمالي العام، الذي دعا إلى إضراب في ذلك اليوم.

في 18 أيلول، دعت جميع المنظمات النقابية إلى إضراب ومظاهرات. ويرى ماتيو غالار أن هذه المظاهرات، إذا كانت ناجحة، قد تضغط على المداولات الحكومية وتضعف الرئيس، وتدفع القوى اليسارية والتجمع الوطني إلى نوع من المزايدات.

اقرأ أيضا

اخترنا لك