الخميس 10 يوليو 2025
spot_img

غموض يلف انتحار نائب فرنسي مخضرم

spot_img

في تطور مفاجئ هز الأوساط السياسية الفرنسية، أقدم النائب أوليفيه مارليكس على إنهاء حياته شنقًا في منزله ببلدة “أنيت” قرب باريس. الخبر، الذي انتشر بسرعة، أثار صدمة وحيرة عميقة نظراً لشخصية الراحل وعلاقاته الواسعة داخل وخارج حزبه “الجمهوريون”.

تقدير واحترام

عكست ردود الفعل الأولية بعد انتشار نبأ الوفاة الاحترام الكبير الذي كان يحظى به مارليكس من قبل زملائه وخصومه على حد سواء، خصوصًا خلال فترة رئاسته للمجموعة النيابية لحزب “الجمهوريون” في البرلمان من 2022 إلى 2024.

بعد مرور يومين على الحادثة، لا تزال الأسباب التي دفعت مارليكس، الأب لابنتين والسياسي المعروف بنزاهته، إلى إنهاء حياته غير واضحة، علمًا بأنه ينتمي لعائلة سياسية عريقة فوالده، ألان مارليكس، شغل مناصب وزارية وكان مقربًا من الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي.

التحقيقات جارية

أوليفيه مارليكس، البالغ من العمر 54 عامًا، كان شخصية مألوفة في الجمعية الوطنية الفرنسية، معروفًا بجديته واعتداله والتزامه بالديمقراطية. وقد عُلقت الجلسة البرلمانية فور انتشار الخبر، ووقف النواب دقيقة صمت تكريمًا له.

رئيسة البرلمان، يائيل براون ــ بيفيه، أشادت بمارليكس ووصفته بأنه “خادم أمين للمصلحة العامة” و”برلماني صارم يحظى باحترام جميع الأطياف السياسية”. الرئيس إيمانويل ماكرون نعى الراحل عبر منصة “إكس”، مشيرًا إلى أنه “كان رجلاً سياسياً محنكاً يتمتع بالخبرة… وكنت أحترمه رغم خلافاتنا السياسية”.

يذكر أن ماكرون كان يشير إلى أن مارليكس كان من أبرز منتقديه داخل الجمعية الوطنية ومن داخل حزبه. إشادات مماثلة صدرت عن قادة من اليمين واليسار، بمن فيهم شخصيات من أقصى أطراف الخريطة السياسية الفرنسية، مؤكدين على إخلاصه للمبادئ الديغولية.

فرضية الانتحار

حتى مساء الأربعاء، لم تتضح تفاصيل الظروف التي أدت إلى انتحار أوليفيه مارليكس. المدعي العام لمدينة “شارتر”، فردريك شوفاليه، صرح في بيان بأن المعاينات الأولية تشير إلى استبعاد تدخل طرف ثالث، مما يجعل فرضية الانتحار هي الأرجح.

وأضاف المدعي العام أن تشريح الجثة سيتم لتحديد أسباب الوفاة، وأن الأجهزة الأمنية قامت بمصادرة هواتف وحواسيب المتوفى لفحصها، مشيرًا إلى أنه لم يتم العثور على أي رسالة أو أثر مكتوب يمكن أن يفيد التحقيق.

وبناءً على ذلك، يستبعد المحققون فرضية القتل، نظرًا لعدم وجود آثار عنف على جسد مارليكس أو أدلة على اقتحام منزله. المعلومات المتوفرة تشير إلى أن رجال الدرك عثروا على الجثة بعد تلقي اتصالات من مقربين من مارليكس أعربوا عن قلقهم لعدم تمكنهم من التواصل معه.

سوابق في فرنسا

على الرغم من التكتم الإعلامي، كشفت مجلة “باري ماتش” أن سبب الوفاة هو الانتحار شنقًا. جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها فرنسا وفاة سياسي بارز في ظروف غامضة.

ففي عام 1993، انتحر رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق، بيار بيريغوفوا، بإطلاق النار على نفسه بعد شهر واحد من انتهاء ولايته، وسط شائعات عن تورطه في قضايا فساد.

وفي العام التالي، أقدم فرنسوا دو غروسوفر، مستشار الرئيس ميتران وصديقه الشخصي، على الانتحار بإطلاق النار على نفسه في مكتبه بقصر الإليزيه، وذلك بسبب استبعاده من الدائرة المقربة للرئيس.

قضايا لم تحل

في عام 1976، اغتيل الأمير جان دو بروغلي، النائب والوزير السابق، بإطلاق النار عليه في باريس. اللافت في القضية أن الجاني لم يتم القبض عليه أبدًا، وأن ملف القضية صنف “سريًا” لأسباب “دفاعية”.

وفي عام 1979، عُثر على روبير بولين، الوزير السابق في عهد الرئيسين ديغول وبومبيدو، متوفياً في بركة مياه في “غابة بولونيا”، وسط ترجيحات بأنه قُتل لكشفه أسرارًا حول تمويل الحزب الديغولي بطرق غير شرعية.

في الختام، يبقى الأمل معلقًا على نتائج التحقيق الجاري لكشف الدوافع والأسباب التي أدت إلى انتحار أوليفيه مارليكس، السياسي المخضرم الذي لم يعرف عنه عداوات أو مشاكل شخصية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك