الخميس 31 يوليو 2025
spot_img

غزة: سوء التغذية يودي بحياة عشرات الأطفال

spot_img

في خيمة لا تتعدى أربعة أمتار بمواصي خان يونس، تواجه الطفلة شام قديح، التي لم تبلغ عامها الثاني بعد، ظروفاً معيشية قاسية تهدد حياتها، أسوة بآلاف الأطفال في غزة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد ونقص الغذاء والدواء وتدهور البيئة.

معاناة الطفلة شام

لا تملك والدة شام سوى الماء، الشحيح أصلاً، لتخفيف حرارة ابنتها المصابة بسوء تغذية حاد يستدعي نقلها المتكرر إلى المستشفى، لكن سرعان ما تعود بها الأم إلى الخيمة الحارقة، حيث لا تجد الطفلة العلاج الكافي في ظل النقص الحاد في المستلزمات الطبية.

تروي إسلام قديح، والدة الطفلة، أنها رزقت بـ”شام” بعد تسع سنوات من الانتظار عبر التلقيح الصناعي، وأن ابنتها تعاني منذ ولادتها من تضخم في الكبد وسوء تغذية حاد، مؤكدة أن نقص العلاج والحليب الصحي فاقم من وضعها الصحي.

تدهور صحي مستمر

رغم بلوغها عاماً وعشرة أشهر، لا يزال وزن الطفلة شام ثابتاً عند 4.5 كيلوغرام، وتخشى والدتها عليها من أدنى حركة بسبب ضعفها وبروز عظام القفص الصدري، كما أن ارتفاع الأسعار يحول دون توفير الحليب والحفاظات والطعام الصحي، وتغير لون أسنانها بسبب نقص الكالسيوم والفيتامينات.

تناشد الأم المنظمات الأممية والدولية التدخل لإنقاذ ابنتها من الموت جوعاً، خاصة أنها لا تجد أي جهة تساعدها في السفر لتلقي العلاج بالخارج.

ارتفاع الوفيات بسبب الجوع

أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد الوفيات نتيجة سوء التغذية منذ بداية الحرب إلى 154 حالة، من بينهم 89 طفلاً.

وسجل العام الحالي 100 حالة وفاة، بينها ثلاث حالات في فبراير ومارس وأبريل، وحالتان في مايو، وخمس في يونيو، بينما شهد شهر يوليو ارتفاعاً قياسياً بـ 90 حالة وفاة، وبذلك يكون العام الحالي الأكثر تسجيلاً للوفيات منذ بداية الحرب.

أرقام مقلقة ومناشدات

يبلغ إجمالي عدد المصنفين كحالات سوء تغذية 28677 شخصاً، بينهم 260 ألف طفل دون الخامسة، و100 ألف امرأة حامل، و1556 حالة ولادة مبكرة، و3120 حالة إجهاض ووفيات داخل الرحم، إضافة إلى 159409 من كبار السن، و18 ألف جريح، جميعهم معرضون لمضاعفات خطيرة بسبب نقص الغذاء.

تعاني الطفلة ولاء جودة، البالغة من العمر ستة أعوام، من أمراض عديدة نتيجة سوء التغذية، حيث تساقطت أسنانها وشعرها، وأصيبت بهشاشة العظام، وأصبحت غير قادرة على الوقوف، وتقول والدتها إنها بالكاد تستطيع توفير الخبز لابنتها بمساعدة الجيران والأقارب.

نداءات يائسة

تؤكد أم ولاء أنها غير قادرة على توفير الحليب الطبي والبيض والألبان، وتناشد المنظمات الصحية نقل ابنتها للعلاج في الخارج، مشيرة إلى أنها تلقت سابقاً قراراً بالتحويل للعلاج في أوروبا، لكن إغلاق المعابر حال دون سفرها.

برنامج الأغذية العالمي يؤكد أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة تضاعفت أربع مرات في غزة، وأن أجزاء من القطاع تجاوزت مرحلتين للمجاعة، ويحذر من نفاد الوقت لإطلاق استجابة إنسانية شاملة.

تحذيرات دولية متزايدة

الأونروا تحذر من تضاعف سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة نتيجة للحصار الإسرائيلي، وتؤكد إجراء نحو 74 ألف فحص للأطفال وكشف نحو 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل، وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم.

وزارة الصحة في غزة تحذر من أن 40 ألف طفل يتهددهم خطر الموت بسبب نفاد الحليب ونقص الغذاء.

كارثة إنسانية شاملة

يصف الدكتور أحمد الفرا، اختصاصي الأطفال في مجمع ناصر الطبي، الأوضاع في غزة بالكارثية، مشيراً إلى أن منع إدخال المغذيات الأساسية يزيد من حالات سوء التغذية ورفع أعداد الوفيات، وأن المستشفيات تفتقر للإمكانات اللازمة لإنقاذ حياة المصابين بسوء التغذية.

معطيات طبية رسمية تؤكد أن العديد من الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية كانوا بحاجة ماسة إلى طعام صحي غير متوفر بسبب إغلاق المعابر ومنع دخوله من قبل إسرائيل.

مجاعة تلوح في الأفق

تقرير أممي مشترك يحذر من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة، ويؤكد أن “أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن في قطاع غزة”، مشيراً إلى أن عمليات إلقاء المساعدات غير كافية وأن إدخال المساعدات براً هو الحل الأكثر فاعلية وأماناً وسرعة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك