غزة: حضارة عمرها 4000 عام تحت نيران الحرب المستمرة. دمرت آلة الحرب الإسرائيلية مواقع ثقافية وتاريخية، في حين برزت إبداعات فنية وأدبية من رحم المعاناة.
تدمير المواقع الثقافية في غزة
أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى تدمير أو تضرر أكثر من 200 موقع ذي قيمة ثقافية، وفقًا لوزارة الثقافة الفلسطينية. ورصدت منظمة “القلم الأميركي” مقتل أكثر من 150 مثقفًا فلسطينيًا منذ اندلاع الحرب.
المسجد العمري الكبير، الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السابع الميلادي، كان من بين الأهداف. لحقت أضرار بالغة بالمسجد الذي شيد فوق بقايا معبد يعود للألفية الأولى قبل الميلاد.
استهداف المعالم الدينية والأثرية
شملت المواقع الدينية المستهدفة مسجد السيد هاشم المملوكي، ومسجد عثمان قشقار الذي بني عام 1223، وكنيسة القديس بورفيريوس التي تأسست عام 407، ودير القديس هيلاريون الذي يعود إلى عام 340.
على الرغم من حماية اليونسكو المعززة لدير القديس هيلاريون، إلا أن الموقع الأثري تعرض لأضرار جسيمة جراء القصف.
غزة: ذاكرة التاريخ تحت القصف
في غزة، حيث تتصدر أخبار الموت والمجاعة والدمار المشهد، تحمل الحجارة قصصًا من عمق التاريخ. بيوت أثرية، حمامات عثمانية، أسواق عريقة، ومتاحف تؤرخ لحضارات متعاقبة، كلها طالها الدمار.
حتى حي الرمال والمستشفى المعمداني، اللذان يظهران في الأخبار العاجلة، يعتبران من المعالم الأثرية. المكتبات العامة ودور النشر لم تسلم من التدمير، إذ طال “الإعدام” الإسرائيلي التاريخ والثقافة.
أفلام من رحم المعاناة
وسط هذا الدمار الثقافي، ولدت أعمال فنية وإنجازات أدبية وسينمائية، حملت توقيع أبناء غزة. فيلم “صوت هند رجب”، الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي، مثال على ذلك.
الفيلم الوثائقي، الذي نال أطول مدة تصفيق في تاريخ المهرجان، يتأهب للأوسكار حاملاً جراح غزة.
“كان يا ما كان في غزة”
الإنجاز السينمائي الآخر هو فيلم الأخوين طرزان وعرب ناصر “كان يا ما كان في غزة”، الفائز بجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان السينمائي. الفيلم، الذي تدور أحداثه عام 2007، يجسد معاناة الغزيين تحت الحصار.
مشروع “من المسافة صفر” يبرز كأحد أهم الإنجازات السينمائية خلال سنوات الحرب.
“من المسافة صفر”: توثيق الواقع
“من المسافة صفر” هو مجموعة أفلام قصيرة، صُوّرت تحت القصف، ونقلت الواقع بالعين المجردة. وثّقت الأفلام حكايات الضحايا والنازحين والأطفال، ووصلت إلى مهرجانات تورونتو وعمّان السينمائية.
الموسيقى في مواجهة الحرب
في غزة، ارتفعت نغمات الموسيقى لتقول إن الحياة ممكنة. أحمد أبو عمشة حوّل أزيز الطائرات إلى خلفية موسيقية، وجعل من أطفال الخيام عازفين ومغنين.
أستاذ الموسيقى زرع آلات العزف في أيدي النازحين، وشغلهم عن الخوف بتعليمهم النغم والإيقاع.
أغنية “ديرة” تصدح عالميًا
مروان عبد الحميد وعبد الرحمن الشنطي، المعروفان بـ”سانت ليفانت” وMC Abdul، أصدرا أغنية “ديرة” التي تحولت إلى ظاهرة عالمية. “سلّملي ع أريحا وسلّم عالديرة يا طير الطاير” أصبحت أنشودة ترددها الألسن.
الأغنية تحية إلى غزة، وتحديدًا إلى فندق “الديرة” الذي دمره العدوان الإسرائيلي.
جوائز عالمية للأدب الغزي
الكاتب والشاعر مصعب أبو توهة فاز بجائزة بوليتزر عن توثيقه رحلة الخروج من غزة ويومياته تحت القصف.
سمير منصور نال “جائزة فولتير لحرية التعبير” عام 2024، تقديرًا لنضاله الثقافي المستمر.
شاعرات من غزة يتألقن
بتول أبو عاقلين فازت قصيدتها “بارود” بالمرتبة الثالثة في مسابقة مجلة لندن الشعرية. بليستيا العقّاد نشرت يومياتها ضمن كتاب “عيون غزة” وانضمت إلى قائمة “بي بي سي” لأكثر 100 سيدة مؤثرة.