مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، يواجه الطلاب الفلسطينيون تحديات غير مسبوقة، إذ تحول حلم إكمال التعليم إلى صراع يومي لتأمين الغذاء في ظل الظروف المعيشية القاسية التي فرضها الصراع الدائر.
تحويل الجامعات لملاجئ
تعيش مها علي، البالغة من العمر 26 عامًا، وسط أنقاض الجامعة الإسلامية، التي تحولت من صرح علمي إلى ملجأ للنازحين، حالها كحال العديد من المؤسسات التعليمية الأخرى في القطاع.
تقول مها، كما نقلت “رويترز”: “لا يوجد شيء سوى الموت. لا عمل، لا تعليم، ولا حرية تنقل. صوت الشباب غير مسموع… كنا نطالب بالعيش، بالتعلم، بالسفر، والآن كل ما نريده هو أن نأكل.”
جيل محروم من التعليم
تعتبر مها جزءًا من جيل كامل في غزة، من طلاب المدارس وصولًا إلى الجامعات، وجدوا أنفسهم محرومين من حقهم في التعليم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ما يقرب من عامين، والتي أدت إلى تدمير البنية التحتية التعليمية في القطاع.
جاءت هذه العمليات ردًا على هجوم حركة “حماس” في 7 أكتوبر 2023. وتشير السلطات الصحية في غزة إلى أن الحملة الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني، وتحويل مساحات واسعة من القطاع إلى أنقاض.
اتهامات بتدمير ممنهج للمدارس
اتهم وزير التعليم الفلسطيني، أمجد برهم، إسرائيل بتبني سياسة تدمير ممنهج للمدارس والجامعات، مشيرًا إلى تدمير 293 مدرسة من أصل 307 بشكل كلي أو جزئي، بهدف “قتل الأمل في نفوس الشبان”.
في المقابل، تتهم إسرائيل حركة “حماس” وفصائل مسلحة أخرى بالتسلل إلى المناطق والمنشآت المدنية، بما في ذلك المدارس، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه “حماس” والفلسطينيون، الذين يتهمون إسرائيل بشن غارات عشوائية.
أرقام الأمم المتحدة الصادمة
أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن آخر تقييم للأضرار، استنادًا إلى صور الأقمار الاصطناعية في يوليو، كشف أن 97% من المنشآت التعليمية في غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة، وأن 91% منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو بناء كامل لتصبح قابلة للاستخدام مرة أخرى.
يؤكد المكتب الأممي على أن “القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية لا تزال تحد من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة، وتؤثر سلبًا على حجم المساعدات المقدمة وجودتها”.
“تم تدمير كل شيء في ثوان”
تعكس هذه الإحصاءات مستقبلًا قاتمًا لياسمين الزعنين، البالغة من العمر 19 عامًا، والتي تجمع ما تبقى من كتبها السليمة في خيمة للنازحين. تتذكر ياسمين أيام انغماسها في الدراسة، قائلة: “بسبب الحرب، توقف كل شيء. كل ما بنيته وعملته، تم تهديمه وتحطيمه في ثوان.”
في ظل هذه الظروف، لا تلوح في الأفق أي بوادر للتهدئة أو العودة القريبة إلى الفصول الدراسية.
مفاوضات متعثرة وهجوم مرتقب
لم يتمكن الوسطاء حتى الآن من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”. وتعتزم إسرائيل شن هجوم جديد على غزة. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه يتوقع إتمام هذا الهجوم “بسرعة معقولة”.
في الوقت نفسه، استمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مطالبات جديدة بإنهاء المعاناة في القطاع الفلسطيني.
ذكريات الدراسة المحطمة
تتذكر سجى عدوان، الطالبة المتفوقة في معهد أزهري في غزة، والتي تعيش في مدرسة تحولت إلى مأوى مع عائلتها، كيف قُصف المبنى الذي كانت تدرس فيه. وتقول: “كل ذكرياتي كانت هناك، طموحاتي وأهدافي. كنت أحقق حلمًا هناك. كان المعهد بمثابة حياة. عندما كنت أذهب إليه كنت أشعر براحة نفسية.”
تضيف سجى: “كانت دراستي هناك تمثل حياتي ومستقبلي الذي كنت أتطلع إلى أن أتخرج منه”.