غزة تحت وطأة الغلاء: إغلاق الأسواق احتجاجًا على ارتفاع الأسعار
شهدت مدينة غزة، الجمعة، إغلاقًا قسريًا لمعظم أسواقها الرئيسية، بعد حملة شعبية غاضبة قادها شبان محتجون على الارتفاع غير المسبوق في الأسعار واحتكار السلع، في ظل غياب الرقابة وتدهور الأوضاع المعيشية.
إضراب شامل
شارك المئات من سكان غزة، معظمهم من الشباب، في إغلاق الأسواق، في خطوة احتجاجية هي الأولى من نوعها، شملت أسواق رئيسية مثل شارع الوحدة، والساحة “ميدان فلسطين”، والصحابة، والمغربي، والشاطئ، والشيخ رضوان.
عبّر السكان عن استيائهم الشديد من الأسعار التي وصفوها بـ “الأوروبية”، في إشارة إلى الغلاء الفاحش الذي يواجهونه، والذي يضاعف معاناتهم في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية منذ نحو 21 شهرًا، وتفاقم أزمة المجاعة.
استغلال المساعدات
تامر جودة (41 عامًا)، من سكان مخيم الشاطئ، أكد أن التجار يستغلون حاجة الناس، ويشترون المساعدات الإنسانية بأسعار زهيدة من الشبان الذين يجلبونها من رفح، ثم يعيدون بيعها بأسعار باهظة.
يشكو السكان من ظروف معيشية قاسية، وعدم قدرتهم على توفير لقمة العيش لأبنائهم، بالإضافة إلى أزمة السيولة المالية التي تفاقمت بسبب إغلاق البنوك، وارتفاع نسبة صرف الشيكات إلى 42%.
أزمة السيولة
“مقابل كل 1000 شيقل في حسابي الإلكتروني، أحصل على 580 شيقلًا فقط”، يوضح جودة، مضيفًا أن هذا المبلغ لا يكفي لشراء الخضار أو الدقيق، الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 120 شيقلًا.
يواجه السكان صعوبة بالغة في توفير وجبة واحدة مشبعة لأفراد عائلاتهم، بعدما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل جنوني، وأغلقت معظم التكيات بسبب نقص البضائع.
أسعار خيالية
تتوفر بعض الخضراوات بأسعار خيالية، حيث يصل سعر الكيلو الواحد إلى 60 شيقلًا أو أكثر، بينما تتراوح أسعار المعلبات بين 15 و20 شيقلًا، وهي لا تكفي لعائلة مكونة من 5 أفراد.
حنين أبو علبة، مواطنة من غزة، تقول: “مش عارفين من وين نتلقاها، من قلة السيولة، ولا الأسعار الأوروبية والأميركية اللي بيفرضوها التجار علينا”. وتضيف أن زوجها لا يستطيع توفير الدقيق لأطفالها الذين يعانون من سوء التغذية.
انهيار الرواتب
يبلغ متوسط دخل الفرد في غزة ما بين 1000 و1800 شيقل، ومع إغلاق البنوك، يضطر معظمهم إلى سحب رواتبهم عبر الصرافين، الذين يتقاضون عمولة تتراوح بين 38 و42%.
دفع هذا الوضع بالعديد من الموظفين والمواطنين إلى البحث عن مصادر دخل إضافية، مثل بيع المساعدات أو فتح بسطات صغيرة لبيع المنتجات المنزلية.
بسطات مؤقتة
معين أحمد، موظف في حكومة السلطة الفلسطينية، يوضح أنه اضطر إلى فتح بسطة صغيرة لبيع الحلوى التي تصنعها زوجته في المنزل، لتوفير 30 أو 50 شيقلًا يوميًا لشراء الخضار.
“وصل بنا الحال لظروف صعبة وقاسية”، يقول أحمد، مشيرًا إلى أن راتبه الشهري البالغ 3 آلاف شيقل لا يكفيه لأكثر من 10 أيام بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
مجاعة ووفيات
تسببت هذه الظروف في تفاقم أزمة المجاعة في غزة، وارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 85%، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في أعداد الوفيات بسبب سوء التغذية، حيث توفي ثلاثة أطفال في غضون يومين.
أكدت وزارة الصحة بغزة أن المستشفيات تستقبل أعدادًا غير مسبوقة من المرضى الذين يعانون من الإجهاد بسبب الجوع، محذرة من أن المئات قد يواجهون الموت المحتم نتيجة سوء التغذية.