تسجل حركة “طالبان” عودة قوية من خلال نشر مذكراتهم التي تعكس تجربتهم خلال عقدين من النزاع مع الغرب. تأتي هذه الكتابات في الوقت الذي يسعى فيه عناصر الحركة لتقديم روايتهم الفريدة حول صراعاتهم، وسط اتهامات لهم بتشويه الحقائق.
روايات جديدة عن الحرب
تعددت الكتابات حول الحرب ضد “طالبان”، وتسلط الضوء على الفشل الغربي في منع الحركة من استعادة السلطة في صيف 2021. وفي هذا الصدد، يقول خالد زدران، عضو “شبكة حقاني” وناطق باسم شرطة كابل، لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”: “مهما كتب الأجانب، فإنهم يتجاهلون حقيقة ما حدث لنا وأسباب قتالنا.”
في كتابه الذي صدر باللغة البشتونية، يروي زدران تفاصيل الغزو الأمريكي لولاية خوست، منشأه، ويتحدث عن طفولته المليئة بالقصص المأساوية ورغبته في الانضمام إلى “طالبان” بإعتبارها رمز “حرية” وطنه.
ذكريات مؤلمة
يوضح زدران في كتابه “15 دقيقة” كيف نجا من هجوم مسير أمريكي بفارق ربع ساعة، قائلاً: “شاهدت الفظائع كل يوم، ورأيت جثثاً ممزقة على دوار المدينة.”
من جهته، قال مهاجر فرحي، نائب وزير الإعلام والثقافة، إن الولايات المتحدة ارتكبت أفعالاً وحشية ودمّرت البنية التحتية لأفغانستان، وزرعت الفتنة بين الأمم.
جهود التفاوض الفاشلة
في كتابه “ذكريات الجهاد… 20 عاماً تحت الاحتلال”، يذكر فرحي أن “طالبان” حاولت التفاوض مع واشنطن بشأن مصير أسامة بن لادن بعد أحداث 11 سبتمبر، لكن محاولاتهم باءت بالفشل.
كما أشار إلى أنه كانت هناك خطة مسبقة للاحتلال الأمريكي لأفغانستان، مما دفع الأفغان ليدركوا أن الحادث في بلد بعيد سيؤثر عليهم بشكل كبير.
نتائج الحرب الطويلة
اندلعت حرب استمرت 20 عاماً بين “طالبان” وقوات التحالف الدولي، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الأفغان و6 آلاف جندي أجنبي، بما في ذلك 2400 أمريكي.
ويرى فرحي أن الحرب كانت نتيجة لرغبة الغرب في فرض ثقافته على الدول الأخرى. ويمزج كتابه بين الذكريات والفصول التي تهاجم ما يسميه “التنين الأمريكي المتعطش للدماء”.
دور الإعلام
يعتبر فرحي أن كتابه يكشف حقائق لم تُروَ، معتبراً أن وسائل الإعلام الغربية قدمت صورة مشوهة عن الحرب.
يؤكد أن “مقاتلي طالبان”، بالرغم من قلة تجهيزاتهم، استطاعوا تحقيق النصر بفضل وحدتهم وعون الله.
اهتمام بالإرث التاريخي
أصدرت “طالبان” العديد من الكتب التي تتحدث عن إنجازاتها العسكرية، لكن قليلاً منها يتناول الحرب من منظور داخلي يجذب القارئ. كتاب زدران، الذي طبع ألفين نسخة، حظي بشعبية كبيرة.
يسلط الكتاب الضوء على قصة بو بيرغدال، الجندي الأمريكي المحتجز لمدة خمس سنوات، ويتناول تجربة وتحديات الطاقم خلال البحث عنه.
المدنيون في الصراع
رغم ذلك، يُلاحظ أن الكتابات لا تعطي اهتماماً كافياً للمدنيين الذين لقوا حتفهم في الهجمات. من جانبهم، يؤكد زدران وفرحي أن “طالبان” كانت تسعى لحقن دماء المدنيين.
تنتهي القصص في عام 2021، دون التركيز على انتقال “طالبان” من الجبال النائية إلى السلطة الحكومية، حيث تحاول الحركة الآن تحقيق الاعتراف الدولي.
يختتم فرحي بالقول: “انتهت الحرب، ونريد علاقات جيدة مع الجميع”، حتى مع “التنين المتعطش للدماء”.