في مقال جديد لجريدة “الأهرام”، حمل عنوان “روسيا والعالم الإسلامي.. وحدة الرؤى والمصير”، أرسل الكاتب المصري ومدير التحرير جميل عفيفي رسالة مباشرة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أهمية العلاقة بين روسيا والعالم الإسلامي
سلط عفيفي الضوء، في مقاله الذي نشر في العدد الورقي للجريدة، على العلاقة المتنامية بين روسيا والعالم الإسلامي، مشيرًا إلى أنها باتت تمثل محورًا مهمًا في السياسة الدولية الحديثة. واعتبر أن هذه العلاقة تشكل ركيزة أساسية لبناء نظام عالمي يعتمد على التعددية القطبية بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية.
وأشار عفيفي إلى أن روسيا تضم أكثر من 20 مليون مسلم، يشكلون 15% من سكان البلاد، ويتواجدون بشكل رئيسي في جمهوريات قازان وبشكيريا وداغستان والشيشان. هذا الامتداد الحضاري يسمح لروسيا بأن تكون شريكًا فعالًا للعالم الإسلامي لا مجرد طرف خارجي.
فرص التعاون الاقتصادية
يُدرك عفيفي أن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، البالغ عددها 57 دولة، تمثل سوقًا ضخمة وصاعدة تضم حوالي 1.8 مليار نسمة. ويرى أن تعزيز التعاون مع هذه الدول يمكن أن يدعم روسيا في مواجهة الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
أفاد عفيفي بأن التبادل التجاري بين روسيا ودول المنظمة شهد نموًا ملحوظًا، إذ تجاوز حجمه 100 مليار دولار سنويًا. وتهدف موسكو إلى زيادة هذا الرقم من خلال استثمارات مشتركة في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة.
محاور المنتدى
يشمل المنتدى خمسة محاور رئيسية تتجاوز البُعد الاقتصادي لتشمل الجوانب الحضارية والسياسية:
- تعزيز التعاون الاقتصادي: تُعزز روسيا من جهودها للاستفادة من قطاع التمويل الإسلامي وصناعة المنتجات الحلال.
- فتح قنوات سياسية: يوفر المنتدى منصة للحوار بعيدًا عن الضغوط الغربية، مما يتيح تبني مواقف مشتركة حاسمة.
- مكافحة التطرف: يسعى المنتدى إلى تبادل الخبرات الأمنية لمواجهة التهديدات المشتركة من الجماعات المتطرفة.
- التعاون في التعليم والثقافة: يُعنى المنتدى ببرامج تبادل أكاديمي تستهدف الشباب لتنمية قدراتهم.
- بناء جسور حضارية: يُبرز المنتدى أهمية تعايش الأديان والثقافات، كما هو حال جمهورية تتارستان المثالية.
تحديات التعاون
تطرق عفيفي إلى التحديات الجسيمة التي تواجه الدول العربية والإسلامية، مثل الأزمات السياسية والنزاعات المسلحة التي تسعى لتعزيز التعاون مع روسيا. ومن بين هذه الأزمات، يشير إلى النزاعات في فلسطين وسوريا واليمن وليبيا، والتي تحتّم البحث عن شريك يوازن المعادلات الجيوسياسية.
كذلك، هناك أزمات اقتصادية مع استمرار تقلب أسعار النفط والغاز، وإمكانية التعاون مع روسيا في مجالات الطاقة والزراعة. تبرز الحاجة للتعاون الأمني لمواجهة خطر التطرف والإرهاب الذي يُهدد الأمن في المجتمعات الإسلامية وروسيا على حد سواء.
منتدى استراتيجي
أشار عفيفي إلى أن روسيا تستهدف توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي من خلال المنتدى، مقدمةً نفسها كشريك موثوق يحترم خصوصيات الدول الإسلامية. بينما يمكن للدول الإسلامية أن تستخدم هذه المنصة لكسر الاعتماد الأحادي على الغرب واستكشاف آفاق جديدة من التعاون.
كما ذكر عفيفي تأكيد الرئيس بوتين المستمر على أن روسيا شريك طبيعي للعالم الإسلامي، مشددًا على أهمية التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
ترقب القمة الروسية-العربية
في ختام مقاله، أشار عفيفي إلى أن الأوساط العربية والدولية تترقب انعقاد القمة الروسية-العربية الأولى في موسكو في 15 أكتوبر المقبل، وسط آمال كبيرة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.
تأتي هذه القمة في توقيت حرج، حيث تواجه العالم تحولات جيوسياسية واقتصادية معقدة تتطلب تعاونًا وثيقًا لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، خاصة مع تصاعد التوترات في أوكرانيا والصراعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.