في أعقاب الإفراج عن الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال، تتصاعد المطالبات في الجزائر بإصدار عفو رئاسي شامل عن السجناء السياسيين، وذلك على غرار الإجراء الذي استفاد منه صنصال، والذي ساهم في تهدئة التوترات الدبلوماسية مع فرنسا. هذه القضية أعادت ملف “السجناء السياسيين” إلى دائرة الضوء.
السجناء السياسيون في الجزائر
ينقسم السجناء السياسيون في الجزائر إلى فئتين رئيسيتين، الأولى تضم حوالي 160 إسلامياً يقبعون في السجون منذ أكثر من ثلاثة عقود. يرى أنصار هذه الفئة أن العفو الذي شمل صنصال يفتح الباب أمام إجراء مماثل يشمل هؤلاء السجناء، خاصةً مع تقدمهم في العمر وتدهور حالتهم الصحية.
تضم هذه المجموعة نشطاء من “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” المحظورة منذ عام 1992، والذين حوكموا بأحكام قاسية من قبل “المحاكم الخاصة” التي أُنشئت في التسعينيات للتعامل مع ملفات الإرهاب.
معاناة قدامى السجناء
يقضي هؤلاء عقوبات طويلة الأمد، وغالبيتهم تجاوزوا الستين عاماً، وتؤكد عائلاتهم أنهم يعانون من أمراض مزمنة نتيجة ظروف السجن. داخل هذه الفئة، توجد مجموعة أخرى تتكون من 20 ناشطاً من “جبهة الإنقاذ”، سُجنوا العام الماضي بسبب بيان انتقدوا فيه الأوضاع الاقتصادية واتهموا السلطة بقمع الحريات.
الحراك الشعبي والمعتقلين
أما الفئة الثانية، فتضم سجناء الحراك الشعبي، ويبلغ عددهم حوالي 200 شخص، معظمهم من الشباب المعارضين الذين حوكموا بتهم ذات طابع سياسي تتعلق برفضهم للظروف التي أوصلت الرئيس عبد المجيد تبون إلى السلطة في نهاية عام 2019.
يواجه معتقلو الحراك اتهامات بـ “إضعاف معنويات الجيش”، و”الإساءة إلى رموز الدولة”، و”المس بالوحدة الوطنية”، وهي التهمة التي يتشاركون فيها مع بوعلام صنصال.
مطالبات بالعفو الشامل
يطالب محامو معتقلي الحراك بإصدار عفو رئاسي يشملهم، تماماً كما حدث مع صنصال، مؤكدين أن العفو الرئاسي يجب ألا يميز بين المساجين.
جدل العفو عن صنصال
أثار العفو الرئاسي عن بوعلام صنصال، والذي جاء بوساطة من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، جدلاً واسعاً على المستويين الداخلي والخارجي، وطرح تساؤلات حول المعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا السجناء السياسيين.
تأثير الوساطة الألمانية
علق المحامي سعيد زاهي، المدافع عن معتقلي الحراك، قائلاً إن الوساطة الألمانية “حررت حتى من كانوا يخشون التلميح لسجناء الرأي”.
دعوات للمساواة بين السجناء
نشر المحامي عبد الغني بادي صورة لسجين من “جبهة الإنقاذ” يقبع في السجن منذ 34 عاماً، ويعاني من أمراض مستعصية، مطالباً بإطلاق سراحه لكي يقضي ما تبقى من عمره مع عائلته.
القيم الإنسانية والسياسة
يرى الكاتب سعيد سعدي أن العفو عن صنصال “كشف عن تناقض عميق”، معتبراً أن “إنسانية رئيس الدولة لا ينبغي أن تُستثار من طرف رئيس أجنبي”.
توقيت الإفراج والحكم
يشير سعدي إلى “التزامن المثير للقلق” بين إطلاق سراح صنصال والحكم بالسجن على الشاعر محمد تاجديت، أحد رموز الحراك الشعبي.
انتقادات للتمييز في المعاملة
أقر رئيس حزب “جيل جديد”، سفيان جيلالي، بالطابع الإنساني للعفو، لكنه حذر من أن “عدم تعميمه على سجناء آخرين معتقلين لأسباب أقل وطأة سيُنظر إليه كظلم بيّن”.
مراعاة التوازنات الداخلية والخارجية
يرى القاضي المتقاعد الحبيب عشي أن “الانسجام الداخلي لا يقل أهمية عن التوازن الخارجي”، داعياً إلى إصدار عفو ثان يشمل باقي المدانين “حتى لا يُفهم الموقف الرسمي على أنه كيل بمكيالين”.


