الإثنين 3 نوفمبر 2025
spot_img

طالبان تدمر الإعلام في أفغانستان: رقابة واعتقالات وتعذيب

spot_img

منذ سيطرتها على السلطة في أغسطس (آب) 2021، دمّرت حركة “طالبان” المشهد الإعلامي في أفغانستان، وفرضت رقابة صارمة على وسائل الإعلام المحلية، وعاقبت الصحافيين على أي انتقاد محتمل، بحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.

تدهور حرية الإعلام

تراجعت حرية الإعلام في عموم أفغانستان بشكل ملحوظ خلال السنوات الأربع الماضية تحت حكم “طالبان”، حيث تخضع جميع المحتويات لمراقبة وكالة الاستخبارات التابعة للحركة.
وتفرض “شرطة الأخلاق” التزام العاملين في وسائل الإعلام بقواعد لباس محددة ولوائح أخرى، بينما يطبق المسؤولون المحليون القوانين بشكل تعسفي، مما يؤدي إلى تفاوت مستويات الرقابة.

قيود على الصحافيات

أدت القيود الصارمة التي فرضتها “طالبان” على النساء إلى تراجع حاد في أعداد الصحافيات العاملات في البلاد، مما يزيد من صعوبة الحصول على معلومات متوازنة وموضوعية.
تقول فرشتة عباسي، الباحثة المعنية بالشأن الأفغاني لدى “هيومن رايتس ووتش”، إن مسؤولي “طالبان” يجبرون الصحافيين على إنتاج تقارير “آمنة” جرت الموافقة عليها مسبقاً، ويعاقبون من يخالف ذلك بالاحتجاز التعسفي والتعذيب.

مقابلات مع صحافيين

استند تقرير “هيومن رايتس ووتش” إلى 18 مقابلة عن بُعد مع صحافيين داخل أفغانستان، و13 مقابلة شخصية مع صحافيين أفغان يقيمون في تركيا، بالإضافة إلى مقابلات مع منظمات معنية باللاجئين الأفغان.
وصف الصحافيون الظروف القاسية في البلاد، والتحديات المتزايدة التي يواجهونها أثناء العيش في المنفى في دول الاتحاد الأوروبي، وتركيا، والولايات المتحدة.

تهديدات بالقتل والاعتقال

يواجه الصحافيون الذين تتهمهم “طالبان” بالتعاون مع وسائل إعلام في المنفى أو التواصل مع جماعات معارضة، الاعتقال والضرب المبرح والتهديد بالقتل، ما يزيد من المخاطر المهنية.
نقل أحد الصحافيين المحتجزين عن مسؤول من “طالبان” قوله له: “يمكننا قتلك، ولن يجرؤ أحد على مساءلتنا”.

تفتيش ومراقبة

تجري وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التابعة لـ”طالبان”، تفتيشات دورية لمكاتب وسائل الإعلام، وقد جرى اعتقال عاملين بسبب خرق قوانين الوزارة، مثل عدم الفصل بين أماكن عمل الرجال والنساء، أو بث أصوات نسائية، أو تشغيل الموسيقى.
بعد فترة وجيزة من استيلاء “طالبان” على السلطة، أعلن مركز الإعلام والمعلومات التابع للحركة عن “11 قاعدة” للإعلام، تتضمن حظر نشر أو بث أي شيء يُعدّ “مخالفاً للإسلام” أو “إهانة للشخصيات الوطنية”.

الرقابة قبل النشر

تتولى سلطات “طالبان” مراجعة المواد الإعلامية قبل نشرها، وتُخضعها للرقابة حال احتوائها على ما تراه “تأثيراً سلبياً على معنويات العامة”، ويقول أحد الصحافيين: “يقولون لنا: تأكدوا من أن تقاريركم لا تضرنا، وإلا ستقعون في المتاعب”.
قيدت “طالبان” مشاركة النساء في الإعلام، ومنعت بث المسلسلات والدراما التي تُظهر نساء، وألزمت الإعلاميات بارتداء الحجاب.

الرقابة الذاتية

نتيجة لهذه القيود، يلجأ الصحافيون إلى الرقابة الذاتية، وغالباً ما يقتصرون في تقاريرهم على تغطية الفعاليات الرسمية، وقد يؤدي الامتناع عن تغطية هذه الفعاليات إلى توبيخ أو تهديدات أو حتى اعتقال.
يعيش العاملون في الإعلام الذين فروا إلى الخارج أوضاعاً غير مستقرة، ويخشون إعادتهم القسرية إلى أفغانستان، حيث قد يتعرضون للاضطهاد.

دعوات لحماية الصحافيين

شددت “هيومن رايتس ووتش” على أنه ينبغي على الدول المضيفة للاجئين الأفغان الحفاظ على موقفها بأن أفغانستان ليست آمنة للعودة، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية.
تضيف عباسي: “قمع طالبان للإعلام ازداد في وقت تزداد فيه الحاجة لوسائل إعلام مستقلة بأفغانستان، وعلى الدول التي وعدت بإعادة توطين الأفغان، أن تمد يد العون للصحافيين المعرضين للخطر، وتوقف جميع عمليات الترحيل إلى أفغانستان”.

تقلص المشهد الإعلامي

قبل أغسطس 2021، كانت لدى أفغانستان مئات المنافذ الإعلامية الخاصة والمستقلة، التي لعبت دوراً فاعلاً في الحياة العامة، ولكن “طالبان” فرضت قيوداً صارمة على كثير من جوانب المجتمع الأفغاني.
أفادت منظمة “مراسلون بلا حدود” بأنه خلال الأشهر القليلة الأولى من حكم “طالبان”، توقفت نسبة تتراوح بين 40 و60 في المائة من المنافذ الإخبارية الأفغانية عن العمل.

تراجع أعداد الصحافيين

انخفض عدد الرجال العاملين في وسائل الإعلام من نحو 4 آلاف إلى نحو ألفين في عام 2022، وانكمش عدد النساء من 1.400 قبل عام 2021، إلى 600 عام 2024.
تُعدّ المديرية العامة للاستخبارات ووزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجهتين الرئيسيتين المسؤولتين عن التفتيش على المؤسسات الإعلامية واعتقال العاملين في مجال الإعلام الذين لا يلتزمون بمعايير “طالبان”.

تهم التجسس

تتضمن الأسباب البارزة للاعتقالات الاستخباراتية، اتهامات بالتجسس، والتواصل مع جماعات المعارضة ووسائل الإعلام الدولية أو المنفية، والتغطية الإعلامية لجماعة ولاية خراسان الإسلامية المسلحة المعارضة، أو النزاعات الداخلية داخل قيادة “طالبان”.
ينطوي التواصل مع وسائل الإعلام الأفغانية في المنفى على خطر بالغ، لأن “طالبان” تعدّ هؤلاء الصحافيين مرتبطين بالمعارضة، ويشكلون تهديداً لسيطرتها.

التعذيب في السجون

قال أحد الصحافيين: “عام 2023، اتُّهمتُ بالتجسس والتحدث ضد إمارة طالبان، واضطررنا إلى توقيع خطاب نتعهد فيه بعدم تكرار ذلك، وبعد أسبوعين، استدعونا واقتادونا مباشرةً إلى السجن… عذبني مسؤول استخبارات كبير”.
وصف الصحافي كيف تم تعذيبه بالخنق والضرب، واتهامه بالعمل مع وسائل إعلام في المنفى.

اقرأ أيضا

اخترنا لك