spot_img
السبت 27 ديسمبر 2025
18.4 C
Cairo

ضغوط حقوقية تعيد ملف السجون إلى صدارة الاهتمام

spot_img

أثارت الشكاوى المتزايدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وسوء أوضاع السجناء، اهتمام حكومتي شرق وغرب ليبيا، اللتين بدأتا إعادة النظر في ملف السجون مع تصاعد الضغوط الحقوقية والمخاوف من الانتهاكات الموثقة دولياً.

تحركات متزامنة

قامت كل من الحكومتين بالتسريع في اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه القضية في الأيام الأخيرة، حيث أصدرت حكومة «الاستقرار» المعينة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، قراراً بإنشاء لجنة مؤقتة لمتابعة أوضاع السجناء ومراكز الاحتجاز، لمراجعة الإجراءات القانونية المتبعة بحق المحتجزين.

جاء هذا القرار بعد مرور يومين على إعلان حكومة الوحدة الوطنية في الغرب، أنها تدرس إمكانية إغلاق ودمج عدد من السجون، في خطوات وصفت بأنها «نظرية» ولكنها تعتمد على تنفيذ فعلي ملموس.

انتقادات دولية متزايدة

تتزامن هذه الإجراءات مع انتقادات دولية متصاعدة حول أوضاع حقوق الإنسان في السجون الليبية، حيث تم توثيق وفاة 23 محتجزاً في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في الأشهر الأخيرة، بالإضافة إلى حالات احتجاز تعسفي وظروف غير إنسانية.

وزير الداخلية الليبي السابق، عاشور شوايل، أكد أن قرار حكومة حماد يجب أن يُدعّم بآليات وصلاحيات كافية، مشدداً على ضرورة الفحص الدوري لأوضاع السجناء والإفراج الفوري عن من يستحق ذلك وفقاً للقوانين.

مطالبات بالإفراج الفوري

أشار شوايل إلى أهمية تضمين اللجنة خبرات قانونية يمكن أن تكون مفيدة إذا توفرت الإرادة السياسية. وكان تقرير غوتيريش قد أشار إلى احتجاز مئات الأشخاص دون توجيه تهم إليهم، بالإضافة إلى حالات لم تُنفذ فيها أوامر الإفراج.

لجنة الحكومة تهدف إلى مراجعة أوضاع المحتجزين والتحقق من صحة الإجراءات القانونية المتبعة، وضمان عدم وقوع احتجاز خارج الأطر القضائية، إلى جانب متابعة تنفيذ الأحكام.

حقوقيون يعلقون

بعض الحقوقيين، مثل رئيس منظمة ضحايا حقوق الإنسان، ناصر الهواري، اعتبروا القرار بمثابة «بارقة أمل»، مشيراً إلى الاكتظاظ في السجون ووجود محتجزين يقبعون في غياهب السجون لسنوات دون توجيه اتهامات.

وأكد الهواري على أهمية أن تبدأ اللجنة عملها سريعًا وتضمن تواصلًا فعالًا مع أسر السجناء، متحدثاً عن تلقي منظمته لعدد كبير من الشكاوى بعد إعلان تشكيل اللجنة.

تحفظات قانونية

من جانب آخر، أبدى الباحث القانوني، هشام الحاراتي، تحفّظًا حيال تفاصيل القرار، موضحًا أن نجاحه يعتمد على مدى جدية الحكومة في التنفيذ، خاصة مع هيمنة «الجيش الوطني الليبي» على بعض السجون.

واعتبر الحاراتي أن هناك محاولات لإصلاح الوضع الحقوقي في المنطقة الشرقية، لكنها لم تتبلور بشكل كامل بعد، بينما تستمر حكومة الوحدة في طرابلس بإجراءاتها لدمج وإغلاق بعض السجون، بعد تقارير تفيد باستمرار الاحتجاز التعسفي.

واقع السجون الليبية

تُعاني السجون في ليبيا من غياب الرقابة الفعالة، حيث تدير الكثير منها ميليشيات مسلحة دون أي سلطة حكومية واضحة، مما يعكس الانقسام السياسي والأمني في البلاد.

على الرغم من ذلك، قام مكتب النائب العام باتخاذ خطوات للرقابة على السجون، شملت الإفراج عن 530 محتجزاً في سجن معيتيقة خلال مارس الماضي.

محاولات لتحسين الصورة الدولية

تُعتبر القرارات الأخيرة من الحكومتين جزءًا من محاولاتهما لتحسين صورة ليبيا أمام المجتمع الدولي، في ظل التزامات البلاد تجاه المنظمات الدولية وضرورة تقديم تقارير دورية.

لكن الحاراتي أكد أن الفعالية الحقيقية تكمن في القدرة على تحقيق تغييرات ملموسة على الأرض، دون إغفال القلق الدولي بشأن ملف حقوق الإنسان في ليبيا.

اقرأ أيضا

النشرة الإخبارية

اخترنا لك