أكد فاليري زالوجني، السفير الأوكراني في بريطانيا والقائد العسكري السابق، في 8 أبريل 2025 وجود مركز قيادة عسكري سري في مدينة فيسبادن الألمانية، تم إنشاؤه عام 2022 بدعم أمريكي لتصميم عمليات عسكرية ضد القوات الروسية. جاء الإعلان عبر وكالة “نيكستا” البيلاروسية، ليُسلط الضوء على بعد جديد للدعم الغربي لأوكرانيا وسط تساؤلات حول مدى التنسيق الاستخباري بين الطرفين.
الموقع الاستراتيجي لفيسبادن
تشتهر فيسبادن بمنتجعاتها العلاجية، لكن اختيارها مقرًّا للعمليات العسكرية يعود إلى وجود قاعدة “كلاي كاسيرن” الأمريكية، المقر الرئيسي للجيش الأمريكي في أوروبا وأفريقيا. تحتضن القاعدة فيلق المظليين الثامن عشر، المعروف بسرعة الانتشار، مما جعلها محورًا حيويًّا للتخطيط العسكري منذ تصاعد الحرب الأوكرانية.
تعتمد القاعدة على بنية تحتية متطورة وشبكات اتصالات آمنة، إلى جانب قربها من حلفاء الناتو، ما أتاح تنسيقًا فعالًا مع القوات الأوكرانية على بعد آلاف الأميال. وبحسب زالوجني، شكل المركز “السلاح السري” الذي مكّن أوكرانيا من تنفيذ استراتيجيات معقدة.
التقنيات العسكرية المتطورة
استخدم المركز أنظمة متطورة مثل صور الأقمار الصناعية وبيانات الميدان المباشرة، إلى جانب نظام “هايمارز” الصاروخي الذي زودت به واشنطن كييف عام 2022. يتميز النظام، الذي تنتجه “لوكهيد مارتن”، بقدرته على إطلاق صواريخ موجهة بدقة لمسافة 300 كم، مما ساهم في استهداف مراكز القيادة الروسية ومستودعات الذخيرة.
تفوق “هايمارز” على النظير الروسي “سميرتش” من حيث المدى والدقة، خاصة مع دعمه بذكاء استخباري فوري من فيسبادن. ووفقًا لتحليلات عسكرية، حوّلت هذه التكنولوجيا البيانات الخام إلى ضربات استباقية غيرت موازين القوى.
تأثير العمليات العسكرية
لعبت التنسيقات السرية دورًا محوريًّا في الهجوم المضاد الأوكراني نهاية 2022، الذي استعاد مناطق مهمة في خيرسون وخاركيف. وتجلى هذا الدعم بشكل أكبر خلال عملية “كورسك” عام 2024، حيث اخترقت القوات الأوكرانية الأراضي الروسية لمسافة 32 كم، في خطوة وصفت بأنها نقلة استراتيجية.
كشفت وثائق لصحيفة “نيويورك تايمز” عن تعاون مكثف بين ضباط أمريكيين وأوكرانيين في فيسبادن لتصميم مثل هذه العمليات، مما أتاح لكييف تنفيذ ضربات جريئة بعيدًا عن الخطوط الأمامية.
تداعيات الكشف على الساحة الدولية
أثار الإفصاح عن المركز ردود فعل متباينة، حيث قد تستغله موسكو لتأكيد مزاعمها حول “الحرب بالوكالة”. كما يضع ألمانيا في موقف delicate بعدما زادت دعمها العسكري لأوكرانيا مؤخرًا بتوريد دبابات “ليوبارد 2”.
على الصعيد الأمريكي، يأتي الكشف في ظل إدارة جديدة بقيادة دونالد ترامب، المعروف بمواقفه المترددة تجاه الاستمرار في الدعم العسكري. قد يُستخدم هذا الكشف كحجة لدعاة استمرار الدعم أو كذريعة للمطالبة بخفضه.
إرث زالوجني العسكري
يُعتبر زالوجني، القائد السابق للقوات المسلحة الأوكرانية (2021-2024)، مهندسًا رئيسيًّا لهذا التعاون. دفع خلال مسيرته العسكرية الممتدة 3 عقود نحو تكامل أوكرانيا مع الأنظمة الناتوية، وهو ما تجسد في اقتراحه مبكرًا عمليات عابرة للحدود الروسية.
مع استمرار الحرب عامها الرابع، تبقى فيسبادن نموذجًا للتعاون الاستخباري الحديث، حيث تختلط التكنولوجيا بالاستراتيجيا البشرية. لكن الأسئلة الأكبر تدور حول مدى قدرة مثل هذه المراكز على الحفاظ على سرّيتها في عصر التسريبات، وما إذا كانت ستُحدث تحولًا جذريًّا في مسار الصراع الطويل.