ساهم التمويل السعودي الأخير لليمن، والذي بلغ 368 مليون دولار، في دعم استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد، وفقًا لتقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي. الحزمة المالية السعودية استهدفت بشكل أساسي الموازنة العامة، بالإضافة إلى قطاعي الطاقة والصحة.
دعم مالي سعودي
الدعم المالي السعودي لليمن، والذي قارب ملياري دولار خلال عامي 2023 و2024، كان له دور حاسم في الحد من التدهور الاقتصادي. ونتيجة لذلك، تمكنت الحكومة اليمنية من تقليص العجز المالي إلى 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.
استئناف المشاورات
بعد توقف دام 11 عامًا، استأنف صندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة مع اليمن. وتعتبر هذه الخطوة مؤشرًا إيجابيًا يعكس عودة التواصل المؤسسي وتوافر بيانات اقتصادية أكثر دقة، رغم التحديات التي تفرضها الحرب.
رئيس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، وصف عودة التواصل مع صندوق النقد الدولي بأنها “محطة مفصلية”. وأضاف أنها تعكس التزام الحكومة بنهج الإصلاح المالي والإداري، رغم الصعوبات والتحديات الراهنة.
انكماش اقتصادي مستمر
منذ اندلاع النزاع في عام 2014، يواجه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية على مستوى العالم. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 27% خلال العقد الماضي.
كما انخفض دخل الفرد بشكل ملحوظ، وتآكلت القوة الشرائية للأسر نتيجة لتضخم الأسعار وانخفاض قيمة العملة المحلية.
تراجع الإيرادات الحكومية
تراجعت الإيرادات الحكومية اليمنية من 22.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى أقل من 12% في عام 2024. وارتفع الدين العام إلى ما يزيد على 100% من الناتج المحلي في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا.
كما اتسع عجز الحساب الجاري إلى نحو 11% في عام 2024، وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من شهر واحد من الواردات.
توقعات بالتعافي التدريجي
يتوقع صندوق النقد الدولي انكماشًا طفيفًا في الاقتصاد اليمني بنسبة 0.5% في عام 2025. ومع ذلك، من المتوقع أن يبدأ الاقتصاد في التعافي التدريجي في عام 2026 بمعدل نمو 0.5%، ليصل إلى 2.5% بحلول عام 2030.
هذا التعافي مدعوم بزيادة الصادرات غير النفطية، وتحويلات المغتربين، والمشاريع الزراعية والتنموية الجارية. ومن المتوقع أيضًا تراجع التضخم تدريجيًا مع استقرار سعر الصرف وتحسن الإمدادات الغذائية العالمية.
تحديات الإصلاح الاقتصادي
حذر صندوق النقد الدولي من أن استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي وتجدد النزاعات قد يعرقل الإصلاحات ويقوض التعافي الاقتصادي. كما أن ارتفاع أسعار السلع العالمية أو تراجع المنح قد يعمق العجز المالي ويؤدي إلى مزيد من الضغوط التضخمية.
وشدد الصندوق على أن الدعم المالي الخارجي سيظل حيويًا لضمان استمرارية الخدمات العامة ومنع تدهور الأوضاع الإنسانية.
إصلاحات هيكلية ضرورية
أكد صندوق النقد الدولي على أن استعادة التوازن المالي تتطلب توحيد الإيرادات الجمركية والضريبية بين المحافظات، وترشيد الإنفاق العام، وتحسين الشفافية المالية.
ودعا البنك المركزي إلى مواصلة كبح التمويل النقدي لعجز الموازنة، وتطبيق سعر صرف تحدده قوى السوق.