تستعر “حرائق الغابات” في مناطق سورية عدة، ممتدة من قرية إلى أخرى، ومستفزة تدخل دول مجاورة للمساعدة في إخمادها. فرق إطفاء من الأردن وتركيا ولبنان تصل تباعًا، بينما تطلق الحكومة السورية مناشدات عاجلة للدعم من الدول الأوروبية، في ظل استمرار الحرائق للأسبوع الثاني على التوالي.
لهيب يهدد “رئة البلاد”
صور احتراق مساحات واسعة من الغابات، بعضها يعود لمئات السنين، تقشعر لها الأبدان. ألسنة اللهب وأعمدة الدخان المتصاعدة، تدفع بفرق الدفاع المدني ووزارة الطوارئ، بقيادة الوزير رائد الصالح، للعمل المتسارع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالخطر يهدد كل أشكال الحياة.
جهود الإطفاء تتواصل
رئيس “الدفاع المدني السوري”، منير مصطفى، يؤكد لـ”الشرق الأوسط” أن الحرائق وصلت إلى مناطق جديدة في ريف اللاذقية، تحديدًا رأس البسيط، وقسطل معاف، وربيعة. الفرق تعمل جاهدة لمنع وصول النيران إلى محمية الفرنلق، أكبر محمية غابات في سوريا، والتي توصف بأنها “رئة البلاد”.
إجلاء السكان من القرى المهددة، كان إجراءً ضروريًا، وفقًا لمصطفى، حيث تم نقل سكان قرية الغسانية في رأس البسيط إلى أماكن آمنة، خوفًا على حياتهم.
صعوبات وتحديات جمة
رغم التعزيزات المستمرة بالآليات والمروحيات، لا تزال السيطرة الكاملة على الحرائق بعيدة المنال. مصطفى يوضح أن سرعة تنقل النيران وعورة التضاريس الجبلية، تعيق وصول فرق الإطفاء والآليات المتخصصة، ما استدعى طلب المساعدة من تركيا جوًا، ومن الأردن ولبنان لتوفير الآليات والفرق الميدانية.
وسائل التواصل تتفاعل
صور ومقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، تظهر النيران وهي تلتهم الغابات والأشجار المعمرة، وتغطي سحب الدخان الكثيفة سماء اللاذقية وحماة.
مبادرات أهلية ومناشدات
أطلقت منظمات مدنية وجمعيات خيرية حملات تطوعية تحت عنوان “أراضينا السورية تحترق”، بهدف توفير المساعدات الأساسية لرجال الدفاع المدني، من صهاريج مياه وآليات ومواد ضرورية أخرى.
الناشطة السورية، أليس مفرج، أشادت بتضحيات فرق الدفاع المدني، مؤكدة أنهم “يستبسلون لإنقاذ الحياة ويفقدون حياتهم، يحملون أرواحهم لإنقاذ البشر والشجر”.
دعوات للتحرك الدولي
الناشط الحقوقي، منصور العمري، ناشد المجتمع الدولي للتحرك العاجل لإنقاذ الثروة النباتية في سوريا، مؤكدًا أن “لا تكفي إمكانيات دولة واحدة لمواجهة هذه الكوارث بالكفاءة والسرعة اللازمة”.
وزير الطوارئ والكوارث، رائد الصالح، أشار إلى أن إخماد النيران نهائيًا سيستغرق أيامًا، واصفًا الوضع بـ”المأساوي”، حيث تحولت مئات آلاف الأشجار الحراجية إلى رماد.
دعم الإدارة الذاتية
رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، أبدت استعداد الإدارة لتقديم الدعم لسكان المناطق المتضررة، معربة عن قلقها إزاء الحرائق المستمرة.
وأكدت أنه على الرغم من الحصار المفروض على مناطق شمال شرقي سوريا، فإن الإدارة على استعداد لتقديم كل ما تستطيع من دعم.
توقعات بارتفاع الحرارة
تشير التنبؤات الجوية إلى ارتفاع درجات الحرارة في اللاذقية وطرطوس وحماة إلى 40 درجة مئوية هذا الأسبوع، ما يزيد من خطر تفاقم الحرائق.
وتقدر المساحة المحترقة خلال الأيام الماضية بأكثر من 200 كيلومتر مربع، وفقًا لبيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة “ناسا”، ما يمثل أكثر من 3% من إجمالي الأراضي الحرجية في سوريا.