السبت 4 أكتوبر 2025
spot_img

سوريا تنتخب مجلس الشعب: خطوة نحو حياة سياسية جديدة

spot_img

تستعد سوريا لإجراء انتخابات مجلس الشعب غدًا الأحد، وهي الأولى من نوعها منذ عام 2025، والتي ستشكل ملامح الحياة السياسية والدستورية في المرحلة المقبلة، وسط تباين في الآراء حول جدوى هذه الخطوة وتوقيتها.

تركيبة المجلس النيابي

بموجب النظام الانتخابي الجديد، سيتم انتخاب 140 عضوًا من خلال لجان ناخبة، في حين يعين الرئيس أحمد الشرع 70 عضوًا آخر، ليصل العدد الإجمالي للمجلس إلى 210 مقاعد. وتجرى الانتخابات في 11 محافظة سورية، مع استثناء محافظات السويداء والحسكة والرقة، مما يثير تساؤلات حول شمولية العملية السياسية.

مرسوم رئاسي ولجنة عليا

أصدر الرئيس أحمد الشرع في حزيران 2025 المرسوم رقم 66، الذي قضى بتشكيل “اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب”، استنادًا إلى المادة 24 من الإعلان الدستوري المؤقت. يمنح هذا المرسوم رئيس الجمهورية صلاحية تشكيل اللجنة العليا للإشراف على العملية الانتخابية برمتها.

صلاحيات تشريعية واسعة

وفقًا للمادة 30 من الإعلان الدستوري، يمتلك مجلس الشعب صلاحيات تشريعية واسعة، تشمل اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل أو إلغاء التشريعات السابقة، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة. وقد حُددت ولاية المجلس بثلاثين شهرًا قابلة للتمديد، مما يمنح السلطة التنفيذية مرونة في إدارة المرحلة الانتقالية.

الأعيان والكفاءات

تعتمد الانتخابات على لجان ناخبة تتكون من فئتين: الأعيان، وهم وجهاء المجتمع المحلي الحائزون على شهادة الثانوية على الأقل، ويمثلون 30% من أعضاء اللجان. والفئة الثانية هي الكفاءات، وتشمل الأكاديميين والخبراء وممثلي النقابات المهنية من حملة الشهادات الجامعية أو ما يعادلها، ويمثلون 70% من الأعضاء.

شروط العضوية

يشترط في أعضاء اللجان الناخبة أن يكونوا سوريين قبل أيار 2011، وألا يكون لهم أي صلة بالنظام السابق أو الجماعات الإرهابية والانفصالية، وأن يتمتعوا بالأهلية القانونية وحسن السيرة. كما يشترط ألا يكونوا قد أدينوا بجناية أو جريمة مخلة بالشرف، أو محكومين في قضايا فساد أو انتهاك للنزاهة العامة، وألا ينتسبوا للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية.

آلية التصويت

قُسِّمت البلاد إلى 50 دائرة انتخابية في 11 محافظة، ويختلف عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة تبعًا للكثافة السكانية. وتشرف لجان فرعية على تشكيل الهيئات الناخبة في كل دائرة، بينما تتولى اللجنة العليا للانتخابات إصدار القوائم النهائية للمرشحين.

1578 مرشحا

ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) في أيلول الماضي، أن عدد المرشحين المسجلين بلغ 1578 مرشحًا، بينهم 14% من النساء. يذكر أن النظام الانتخابي يخصص كوتا للنساء، حيث ينص على أن 20% من الهيئات الناخبة يجب أن تكون من النساء.

بين التفاؤل والتشكيك

تثير الانتخابات جدلًا واسعًا في سوريا، فبينما يرى فيها البعض خطوة نحو حياة سياسية جديدة، يعتبرها آخرون مجرد واجهة لتجميل صورة الحكومة. ويشير المنتقدون إلى أن تركيبة اللجان الناخبة تجعلها أداة بيد السلطة التنفيذية.

تصريحات رسمية

أكد عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، حسن الدغيم، أن الانتخابات تستند إلى الإعلان الدستوري، الذي نص على انتخاب المجلس عبر لجان ناخبة تمثل آراء السوريين. وأشار إلى أن تعيين الرئيس للثلث المتبقي من الأعضاء يراعي التمثيل العادل للكفاءات.

نظام انتخابي هجين

أوضح الدغيم أن اختيار أعضاء اللجنة العليا للانتخابات تم بعد استشارة قانونيين ووجهاء المجتمع، وأن اللجنة متنوعة وتمثل مختلف أطياف المجتمع السوري. وأشار إلى أن هذا النظام الانتخابي مستوحى من تجارب مماثلة في جنوب أفريقيا وشمال سوريا.

غياب بيئة آمنة

يرى البعض أن تبني هذا النموذج الانتخابي يعكس محاولات لاحتواء التنوع المجتمعي والسياسي، في ظل غياب شروط الانتخابات المباشرة. وأشار الدغيم إلى أن صعوبة الظروف في سوريا وعدم توفر بيئة آمنة جعل من إقامة انتخابات مباشرة أمرًا صعبًا.

خطوة على طريق الديمقراطية

اعتبر الدغيم أن هذه الانتخابات تمثل خطوة على طريق الديمقراطية، وأكد أن الديمقراطية لا تأتي بين ليلة وضحاها، بل تتطلب تراكمًا في السياقات الأمنية والاجتماعية والثقافية.

مناطق مستثناة

أوضح الدغيم أن عدم شمول الانتخابات لمحافظات السويداء والحسكة والرقة يعود إلى تحكم سلطات الأمر الواقع في هذه المناطق، والتي منعت قيام بيئة آمنة ومحايدة للانتخابات.

الشفافية والمراقبة

أكد الدغيم أن العملية الانتخابية تجري بشفافية، وأن هناك مراقبة دولية ولجان طعون في كل المحافظات. وأشار إلى أن هذه التجربة تؤسس لحياة برلمانية يمكن من خلالها وضع دستور دائم لسوريا.

مرحلة مؤقتة

أكد عقيل حسين، عضو اللجنة الناخبة ومرشح مجلس الشعب في حلب، أن اللجوء إلى الانتخابات عبر اللجان الناخبة هو الخيار الوحيد المتاح حاليًا. واعتبر أن غياب المحافظات الثلاث سيجعل التجربة ناقصة، مشيرًا إلى أن الدولة بذلت جهودًا لتمثيل الجميع.

تعديل القوانين

أشار حسين إلى أن إحدى أهم مهام مجلس الشعب القادم هي سن قوانين حديثة للانتخابات، وأن هذه المرحلة مؤقتة فرضتها الظروف الحالية، ولن تكون هي السمة الدائمة.

حل وسط

يرى عدد من المقربين من الحكومة السورية أن اختيار اللجان الناخبة جاء كحل وسط بين ضرورة إجراء الانتخابات وتحديات الواقع الأمني والسياسي، رغم النقد الموجه لهذه الآلية من المعارضة.

أداة ضغط متبادل

أوضح الباحث السياسي أحمد حسن أن موضوع الانتخابات يستخدم كأداة ضغط متبادل بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحسكة والرقة، والسويداء.

مؤتمر وطني جامع

اقترح حسن إعادة مراجعة الإعلان الدستوري، والعمل على مؤتمر وطني جامع للداخل والخارج يتم عبره مراجعة أخطاء المرحلة الماضية، والتأسيس لخريطة طريق للمرحلة الانتقالية.

تعزيز الشرعية

أكد مصدر حكومي أن الانتخابات تهدف إلى تعزيز الشرعية الوطنية، والدلالة على قدرة الدولة في إدارة المرحلة، والانتقال بسوريا نحو الاستقرار السياسي.

اقرأ أيضا

اخترنا لك