أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن نجاح التجارب على الغواصة النووية المسيرة “Poseidon”، التي تم إطلاقها من غواصة تقليدية. ويعتبر المحللون هذا الإنجاز بمثابة رسالة استراتيجية واضحة إلى الغرب، تعكس التحديات الجديدة التي تواجه الدفاعات البحرية الأمريكية وضوابط التسلح، بحسب موقع Army Recognition.
وأكد بوتين أن قدرة “Poseidon” تتفوق على صاروخ “Sarmat” العابر للقارات، مشيراً إلى عدم وجود “وسائل اعتراض” لهذه الغواصة المتطورة حتى الآن. ومع ذلك، لم تقدم موسكو أي معلومات أو تفاصيل بشأن قياسات الاختبار أو صور توثيقية.
غواصة مسيرة نووية
تعتبر “Poseidon” مركبة بحرية ذاتية القيادة، مصممة لحمل رأس حربي نووي يزيد وزنه عن “ميغا طن”، قادرة على الإبحار لمسافات طويلة عبر المحيطات.
بينما تبقى العديد من المواصفات التقنية غير مؤكدة، تشير التقديرات إلى وجود مفاعل مُبرد بمعدن سائل، مدعوم بمضخة نفاثة، مما يمكنها من العمل على أعماق تصل إلى 1000 متر وبسرعات تفوق الطوربيدات التقليدية.
يسلط مفهوم “Poseidon” الضوء على نظام إطلاق نووي بعيد المدى، مصمم لتجاوز الدفاعات الصاروخية، وتهديد البنية التحتية الساحلية وحاملات الطائرات.
منصات الإطلاق
تحدد منصات الإطلاق فعالية “Poseidon”، حيث تم تسليم أول غواصة قادرة على إطلاق هذه المسيرات، وهي K-329 Belgorod، في عام 2022، ويُفترض أنها تستطيع حمل حتى ست غواصات “Poseidon”.
كما يُشار إلى غواصة المشروع 09851 Khabarovsk، التي من المتوقع أن تُضاف إلى الأسطول الروسي قريباً.
تتوافق التقارير والصور البحرية مع دور “Belgorod” في المهام الخاصة وتعاونها مع “Poseidon”.
قدرات متقدمة
يبرز تحليل تصريحات بوتين جوانب في الاختبار لم تُظهر بعد، مثل دقة التوجيه، والقدرة على التشغيل تحت التخفي، والتحكم العميق في أعماق المحيط.
إلى أن تُعلن موسكو أو جهات خارجية المزيد عن مواصفات “Poseidon”، يعد هذا الإعلان تقدماً في تكامل أنظمة الدفع، وليس بداية تشغيلية.
إذا كانت الأداءات قريبة من التصميم المستهدف، فإن “Poseidon” تضيف بعداً جديداً للهجوم الثاني بجانب النظام التقليدي.
في سياق الأزمات، يمكن تجهيز مركبة نووية غير مأهولة UUV للغوص العميق والانطلاق بسرعة في المراحل النهائية. تُشير التقديرات إلى أن الرحلة من البحر النرويجي إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة قد تستغرق حوالي 66 ساعة، أو 110 ساعات بسرعات أقل.
واستثمرت البحرية الغربية لعقود طويلة في نظم السحب المتنقلة، والمركبات غير المأهولة، مما يمثل تحدياً لاكتشاف مركبة تعمل بالطاقة النووية في أعماق البحار.
لكن هذا ليس مستحيلاً، حيث يمكن بناء حواجز وشباك شبيهة بالألغام للحد من هذه التهديدات.
قوة التفجير
تتداول وسائل الإعلام الروسية بين تقارير تشير إلى قدرة تفجيرية تبلغ “2 ميغا طن” وأخرى تتحدث عن “100 ميغا طن”.
التاريخ يوضح أن الانفجارات النووية تحت الماء تؤدي إلى تلوث مدمّر، يُعرقل الأنشطة البحرية لسنوات.
ومع ذلك، لن تخلق الانفجارات أمواج تسونامي عبر المحيطات، لكن انفجارات قريبة من الشاطئ تُنتج آثاراً مدمرة.
في حالة الهجوم النووي على أراضي حلف شمال الأطلسي أو الولايات المتحدة، تعتبر مثل هذه العمليات بمثابة رد فعل استراتيجي يتطلب استجابة فورية.
تدفع هذه الحقائق المحللين للاعتقاد بأن القيمة الأساسية لنظام “Poseidon” نفسية وسياسية، أكثر من كونها تغييراً حقيقياً في ميزان القوى النووي الروسي.
أهمية إضافية لروسيا
ما تضيفه “Poseidon” يعزز التنوع في الأسطول النووي الروسي بدلاً من الهيمنة. إذا تم تطوير النظام بشكل واسع، يمكن أن يضغط على حلف الناتو للاستثمار في تقنيات جديدة.
ومع ذلك، الغموض حول “Poseidon” يحد من فائدته العسكرية، حيث تعتمد فعاليتها على أداء لم يتم إثباته بعد.
الغواصات القادرة على إطلاق “Poseidon” قليلة، مما يصعب الانتقال إلى الدوريات المتكررة.
قيود تشغيلية
إذا كانت التجربة التي أُجريت مؤخراً ناجحة تمامًا، فإن الانتقال من جولة واحدة إلى عمليات متكررة سيكون تحدياً كبيراً.
كل غواصة من “Poseidon” تتطلب مفاعلاً بحرياً، وهيكلاً ضاغطاً، ورأس حرب عالى القدرة، في وقت تواجه فيه روسيا العقوبات واستمرار الصراع.
يتواجد حالياً غواصتان فقط قادرتان على إطلاق المسيرات، مما يحد من وتيرة الدوريات والتدريب والإصلاحات.
وبالتالي، فإن “Poseidon” قد تبدو كخيار رادع متخصص وليس وسيلة فعالة للضربات الساحلية الكبيرة.


