في عرض قوي لقدراتها العسكرية، عادت البحرية الروسية لتأكيد وجودها في بحر البلطيق من خلال تنفيذ تدريبات معقدة على متن الفرقاطة الروسية “سوبرازيتيلني”. شملت هذه التدريبات، التي تمّت مؤخرًا، عمليات متخصصة في الحرب ضد الغواصات وعمليات المدفعية، في أعماق المياه المتنازع عليها في المنطقة.
التدريب على الحرب ضد الغواصات
نفذ طاقم الفرقاطة تدريبات معقدة لمكافحة الغواصات، حيث تم التركيز على تحديد وتتبع وتحايد غواصة معادية موجّهة باستخدام نظم الأسلحة المتطورة المخصصة لذلك. أُجريت هذه التدريبات في الميادين التدريبية المخصصة لأسطول البلطيق، مما أظهر جاهزية “سوبرازيتيلني” للعمل في بيئات عدائية.
من بين العناصر الرئيسية في التدريب، استخدم طاقم السفينة محطة الهيدروأكوستيك على متنها لتصنيف وتحديد الأهداف تحت الماء. وعند تحديد موقع الغواصة الم simulée، نجح الطاقم في “تدمير” الهدف باستخدام الطوربيدات، مما ساعدهم على تحسين استجابتهم التكتيكية لمواجهة أي تهديدات تحت الماء.
تمارين الدفاع الجوي
في الوقت ذاته، شاركت “سوبرازيتيلني” في تدريبات دفاع جوي مصممة لمواجهة التهديدات الجوية. خلال هذه المرحلة، استجاب الطاقم لضربة جوية محاكاة، مستخدمين الإجراءات المعمول بها لتنظيم جهود الدفاع الجوي.
على الرغم من عدم استخدام الذخائر الحية، ركّزت التدريبات على تحسين الاتصال والتنسيق وبروتوكولات القيادة والسيطرة للدفاع ضد الهجمات الجوية، مما يعكس سيناريوهات حقيقية يمكن أن تواجه فيها السفن الروسية تهديدات جوية من طائرات حلف شمال الأطلسي أو خصوم آخرين.
العمليات متعددة الأبعاد
تم تنفيذ الضربة الجوية المحاكية بواسطة طائرات هليكوبتر من وحدة الطيران البحري التابعة لأسطول البلطيق، مما يبرز الطبيعة متعددة الأسلحة لهذه التدريبات. تؤكد التعقيدات في هذه التدريبات على أهمية القدرات الدفاعية المتكاملة، حيث يدير الطاقم تهديدات متعددة وينسق عبر قنوات اتصال متنوعة لضمان تحقيق دفاع فعال.
تعد هذه التدريبات ليست مجرد تحسين للفاعلية التشغيلية للفرقاطة وطاقمها، بل ترسل أيضًا رسالة واضحة عن استمرار الوجود العسكري الروسي واستعداده في بحر البلطيق.
دور سوبرازيتيلني
تعتبر “سوبرازيتيلني” فرقاطة روسية حديثة مصممة للعمليات متعددة الأدوار، تتميز بتصميمها المتنوع الذي يسمح لها بتنفيذ مهام واسعة، بدءًا من الحرب ضد الغواصات إلى الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية. دخلت الخدمة في عام 2014، وهي السفينة الرائدة من فئة “سوبرازيتيلني” [المشروع 20380]، مما يمثل خطوة كبيرة للأمام في أسطول الفرقاطات الروسي.
تتمتع “سوبرازيتيلني” بأسلحة متقدمة مصممة لمواجهة التهديدات من أهداف سطحية وتحت سطحية. تشمل التسليح الأساسي نظام صواريخ “أوران” المضادة للسفن، القادر على إطلاق صواريخ كروز فائقة السرعة من طراز P-800 Oniks.
قدرات السلاح والأسلحة الإلكترونية
تعتبر هذه الصواريخ فعالة للغاية ضد السفن السطحية، حيث يمكن أن تصل سرعتها إلى 2.5 ماخ. صُمم نظام “أوران” للضربات الدقيقة على مسافات طويلة، مما يجعل “سوبرازيتيلني” خصمًا قويًا في القتال البحري.
بالإضافة إلى قدراتها المضادة للسفن، تتمتع “سوبرازيتيلني” بترسانة مثيرة للإعجاب من نظم الحرب ضد الغواصات. تحمل الفرقاطة نظام إطلاق RPK-8، الذي يقوم بإطلاق الطوربيدات المضادة للغواصات.
أنظمة الهجوم والدفاع
ويدعم هذا النظام مجموعة السونار المدمجة للسفينة، بما في ذلك مجمع الهيدروأكوستيك MGK-335، الذي يوفر كشفًا وتتبعًا محسّنًا للغواصات المعادية. يجعل هذا من “سوبرازيتيلني” فعالة للغاية في عمليات مكافحة الغواصات، حيث يمكنها تحديد وتتعقب وتحييد الغواصات بدقة عالية.
تمتلك “سوبرازيتيلني” أيضًا نظام دفاع جوي قوي، بفضل نظام الإطلاق العمودي “ريدوت”. يمكن أن يطلق هذا النظام مجموعة متنوعة من الصواريخ السطحية-الجو، بما في ذلك صواريخ 9M100 و 9M96، المصممة لاعتراض الطائرات المعادية والصواريخ والطائرات بدون طيار.
التقنيات المتقدمة
نظام “ريدوت” مرن للغاية، مما يسمح لـ “سوبرازيتيلني” بالتكيف مع مجموعة من التهديدات الجوية، مما يجعلها أداة حيوية لحماية السفينة والقوات الصديقة القريبة. للدفاع القريب، تم تجهيز “سوبرازيتيلني” بمدفع بحري من طراز AK-176M مقاس 76.2 مم، مصمم للتعامل مع الأهداف السطحية والجوية.
تشمل ميزات السفينة الأخرى أنظمة الحرب الإلكترونية الحديثة، مع نظام إطلاق الفخ PK-10 ومدى واسع من تقنيات تشويش الرادار، المصممة لتعطيل جهود تتبع وتوجيه العدو. يجعل هذا من “سوبرازيتيلني” فعّالة في تفادي نظم الصواريخ المعادية ويوفر حماية إضافية للسفينة خلال العمليات ذات المخاطر العالية.
التصميم والإنتاج
تتميز “سوبرازيتيلني” بنظام رادار ومراقبة متطور، مع نظام رادار “فوركي-4″، الذي يقدم قدرات البحث السطحية بعيد المدى، مما يسمح للسفينة بالكشف عن وتتبع السُفُن السطحية في جميع ظروف الطقس. بالإضافة إلى ذلك، يوفر رادار “زاسلون” قدرات بحث جوي، مما يمكّن الطاقم من اكتشاف والانخراط مع الطائرات المعادية أو الصواريخ على مسافات طويلة.
تعمل “سوبرازيتيلني” بمحرك دفع مختلط من نوع CODAG، الذي يوفر سرعة قصوى تصل إلى 27 عقدة ونطاق يبلغ حوالي 4000 ميل بحري. يدعم هذا النظام درجة عالية من التشغيل الآلي، مما يسمح للطاقم بتشغيل السفينة بعدد قليل من الأفراد، عادةً ما يقارب 100 فرد، مما يعزز كفاءة السفينة خلال النداءات الطويلة.
المرونة والكفاءة
لزيادة التنوع في العمليات، صُممت “سوبرازيتيلني” لاستيعاب هليكوبتر، غالباً ما تكون من طراز Ka-27 أو Ka-31، مما يوفر قدرات إضافية في المراقبة ومكافحة الغواصات. يمكن نشر هذه الطائرة لأغراض الاستطلاع، وعمليات مكافحة الغواصات، ومهام البحث والإنقاذ، مما يضيف طبقة قيمة من المرونة العملياتية.
هيكل السفينة مُصمم أيضًا لتحسين القدرة على البقاء، مع أنظمة متطورة للسيطرة على الأضرار، وتوليد طاقة متكرر، وأجزاء مسلحمة لحماية المناطق الحيوية. تم تصميمها لتحمل الهجمات الحديثة للصواريخ المضادة للسفن وغيرها من السيناريوهات القتالية، مما يضمن قدرة “سوبرازيتيلني” على البقاء فعّالة حتى في أقسى الظروف العدائية.
التأثير الاستراتيجي
مع مزيجها من المستشعرات المتقدمة وأنظمة الأسلحة القوية والقدرات العملياتية المرنة، تعد “سوبرازيتيلني” مثالًا بارزًا لتصميم الفرقاطات الروسية الحديثة. يجعلها قدرتها على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام، من القتال السطحي إلى الدفاع الجوي ومكافحة الغواصات، مكونًا حيويًا من استراتيجية البحرية الروسية للحفاظ على السيطرة على المناطق البحرية الحيوية.
تويعز “سوبرازيتيلني” التزام روسيا بتعزيز قوتها البحرية، خصوصًا في مناطق مثل بحر البلطيق، حيث يمثل وجودها كلاً من الأصل العسكري وبيان النوايا.