تأجيل التصويت على تمديد “يونيفيل” وسط مفاوضات مكثفة
أرجأت روسيا، بصفتها رئيسة مجلس الأمن لشهر الحالي، التصويت على مشروع قرار يهدف إلى تمديد ولاية القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “يونيفيل” لمدة 12 شهراً إضافية، وسط جهود دبلوماسية حثيثة يقودها مفاوضون فرنسيون للتوصل إلى صيغة معدلة تحظى بقبول الأطراف المعنية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وتأتي هذه الخطوة في ظل إصرار أميركي على وضع جدول زمني واضح ومحدد لتصفية وجود القوة الأممية المنتشرة في جنوب لبنان منذ عام 1978.
مفاوضات لتعديل القرار
أكد مسؤول رفيع المستوى إحراز تقدم في المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وفرنسا، المكلفة بملف لبنان في مجلس الأمن، مشيراً إلى أن العمل جار للتوصل إلى مشروع قرار معدل يستجيب للمطالب الأميركية.
زيارة الوفد الأميركي
لوحظ تركيز الوفد الأميركي الزائر للبنان، والذي يضم المبعوث الخاص السفير الأميركي في تركيا توم براك، ونائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، على حصر المفاوضات المتعلقة بمصير “يونيفيل” مع الجانب الفرنسي، مع الاستماع إلى هواجس المسؤولين اللبنانيين.
مقترح فرنسي جديد
توقع دبلوماسي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أن توزع فرنسا قريباً “صيغة جديدة تتضمن المزيد من التعديلات”، وذلك بهدف الحصول على موافقة الولايات المتحدة على مشروع قرار يتضمن “آليات واضحة” للشروع في “تفكيك يونيفيل” بدءاً من 1 يونيو 2026، على أن يكتمل هذا الإجراء بحلول نهاية أغسطس 2026.
في المقابل، تسعى الدبلوماسية الفرنسية إلى تلبية مطلب لبنان بوضع آليات لتفكيك القوة بعد نحو عام من الآن.
نتنياهو و”يونيفيل”
يرى دبلوماسي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يريد التخلص في أقرب فرصة من يونيفيل لأسباب عدة”، بما في ذلك “الانتقام” من توجهات دول أوروبية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وعلى الرغم من مشاركة نحو 48 دولة في “يونيفيل”، فإن القوات الفرنسية والإيطالية والإسبانية تشكل العمود الفقري لهذه القوة الأممية.
أهمية استمرار “يونيفيل”
أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، في مقال نشرته مجلة “نيوزويك” الأميركية، على الأهمية البالغة لاستمرار وجود قوة محايدة ومستقرة تابعة للأمم المتحدة على طول الخط الأزرق، وذلك ليس فقط لشعبي لبنان وإسرائيل، بل للمنطقة بأسرها، في إطار السعي نحو تحقيق الأمن والاستقرار.
دور “يونيفيل” في حفظ السلام
أشار لاكروا إلى التطورات الأخيرة والصراع بين “حزب الله” وفصائل مسلحة أخرى مع القوات الإسرائيلية، ثم دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، والدور الذي تقوم به “يونيفيل” في المنطقة بموجب القرار 1701 لعام 2006. وأوضح أنه في هذا السياق “عدلت يونيفيل طريقة عملها وضاعفت جهودها لمنع عودة الأعمال العدائية وللحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق”.
دعم الجيش اللبناني
أفاد لاكروا بأن “يونيفيل” دعمت منذ نوفمبر الماضي نشر أكثر من ثمانية آلاف جندي من الجيش اللبناني في أكثر من 120 موقعاً في جنوب لبنان، وعملت بشكل وثيق مع الجيش اللبناني للعثور على مئات مخابئ الأسلحة والذخيرة التي تركها “حزب الله” بعد حرب 2023-2024 مع إسرائيل، والتخلص منها.
تواصل وتنسيق مستمر
أضاف لاكروا أن “يونيفيل” تواصل القيام بدور مهم في الاتصال والتنسيق بين الأطراف لتجنب سوء الفهم، ولتنسيق تحركات القوافل اللوجيستية والدوريات، وكذلك الجهات الفاعلة الإنسانية والجيش اللبناني، مؤكداً أن هذه القناة من التواصل تساعد على تجنب المواجهة بين القوات اللبنانية والإسرائيلية وتهدئة التوترات.
تحديات تواجه “يونيفيل”
نبه لاكروا إلى أن “عمل يونيفيل لم يخل من التحديات والانتقادات، حيث واجهت بيئة عمل صعبة”، وأشار إلى أنها غير مخولة بفرض السلام بموجب ولايتها الصادرة عن مجلس الأمن، موضحاً أن دورها يتمثل في المساعدة والتيسير والدعم، ولكن الأمر متروك في النهاية للأطراف لتحويل أحكام القرار إلى حقائق دائمة على الأرض.
أكد لاكروا أنه على الرغم من التحديات، ستواصل “يونيفيل” تكييف وضعها وهيكليتها ووجودها لتلبية الاحتياجات على الأرض، مشيراً إلى أن حفظة السلام يركزون على تعزيز قدرات الدوريات، والإلمام بالموقف، والمشاركة المجتمعية، فضلاً عن توسيع دعمهم للجيش اللبناني، من خلال التدريب وتوفير المعدات غير الفتاكة والعمليات المشتركة.
حاجة الجيش اللبناني للدعم
أفاد لاكروا أيضاً بأن الجيش اللبناني يحتاج إلى مزيد من الموارد، بدعم مستمر من المجتمع الدولي، لتوفير الأمن بفعالية على طول الخط الأزرق، وشدد على أن اتفاق وقف الأعمال العدائية، إلى جانب التطورات السياسية الأخيرة في لبنان، “يمثلان فرصة طال انتظارها لمعالجة المخاوف الأمنية لكل من إسرائيل ولبنان. من الضروري أن نحافظ على هذا الزخم وأن نستفيد من وجود يونيفيل لمساعدة لبنان وإسرائيل على تحقيق سلام دائم”.