بعد سقوط نظام بشار الأسد، فتحت زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى لبنان، نافذة جديدة نحو تعزيز العلاقات الثنائية. الزيارة التي طال انتظارها، ركزت على تجاوز “عقبات الماضي” وفتح “صفحة جديدة” بين البلدين الجارين.
ملفات مشتركة
وشملت المباحثات ملفات أمنية وقضائية واقتصادية ودبلوماسية. الرئيس اللبناني، جوزيف عون، طالب بتعيين سفير سوري جديد في بيروت، بهدف تفعيل العمل المشترك بين السفارتين في دمشق وبيروت، وذلك بعد تعليق العمل بالمجلس الأعلى اللبناني السوري.
الزيارة، التي تعد الأولى لمسؤول سوري رفيع المستوى بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024، أكد خلالها الشيباني من وزارة الخارجية اللبنانية، احترام السلطات السورية لسيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
الوفد السوري
رافق الشيباني في زيارته، وزير العدل السوري مظهر الويس، ورئيس جهاز الاستخبارات السوري حسين السلامة، ومساعد وزير الداخلية السوري للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان. وقد شملت الزيارة لقاءات مع الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ووزير الخارجية يوسف رجي.
مقاطعة بري
لوحظ غياب زيارة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري عن جدول أعمال الوزير السوري، وهو ما أثار تساؤلات. مصادر مطلعة أشارت إلى أن الوفد السوري لم يطلب موعداً للقاء بري، معتبرين الزيارة “تقنية وتنفيذية” لا تستدعي لقاءً مع رئيس البرلمان.
التعاون الاقتصادي
على الرغم من الطابع الأمني والقضائي الظاهر للزيارة، استحوذ الجانب الاقتصادي على جزء كبير من النقاشات. الشيباني شدد على أهمية التعاون الاقتصادي والتجاري، والاستثمارات الممكنة في سوريا بعد رفع العقوبات الدولية، بالإضافة إلى استمرار التعاون من خلال اللجان المشتركة لحل الملفات الأمنية والقضائية العالقة.
تطوير العلاقات الثنائية
أكد الرئيس عون للشيباني تطلع لبنان إلى تعزيز العلاقات مع سوريا على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. كما شدد على أهمية تفعيل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يحقق الاستقرار للبلدين.
تفعيل الدبلوماسية
شدد الرئيس عون على أن تعميق وتطوير العلاقات الثنائية يتم عبر تأليف لجان مشتركة لبحث الملفات العالقة، وعلى رأسها الاتفاقات المعقودة بين البلدين والتي تحتاج إلى إعادة تقييم.
الرئيس اللبناني أشار إلى أن قرار تعليق العمل بالمجلس الأعلى اللبناني السوري يستوجب تفعيل العلاقات الدبلوماسية، مؤكداً على أهمية تعيين سفير سوري جديد في لبنان لمتابعة الملفات المشتركة.
الحدود المشتركة
أكد عون أن الوضع على الحدود اللبنانية السورية بات أفضل من السابق، مشيراً إلى أن المسائل التي تحتاج إلى معالجة تشمل ترسيم الحدود البرية والبحرية، وخط الغاز، ومسألة الموقوفين، مؤكداً العمل على دراسة هذه القضايا انطلاقاً من المصلحة المشتركة.
دعوة لزيارة لبنان
جدد الرئيس عون دعوته للرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة لبنان، مؤكداً أن المنطقة عانت بما فيه الكفاية من الحروب، وأن المقدرات يجب أن تستثمر لتعيش الشعوب بكرامة.
تصحيح المسار
أكد الشيباني على أهمية العلاقات التاريخية بين لبنان وسوريا، وضرورة تعميقها وتصحيح ما أساء إلى صورة سوريا في الماضي. كما دعا إلى تعميق التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، مع الانفتاح الحاصل في سوريا ورفع العقوبات عنها.
طي صفحة الماضي
جدد الشيباني التأكيد على سيادة لبنان، والحرص على إقامة علاقات متينة قائمة على الاحترام والتعاون، مع التطلع إلى طي صفحة الماضي وصناعة المستقبل. وأكد استعداد بلاده لمناقشة أي ملف عالق، اقتصادياً كان أو أمنياً.
اجتماعات إيجابية
في السراي الحكومي، طغى الجانب التنفيذي على لقاء الشيباني والوفد المرافق مع رئيس الحكومة نواف سلام. وأكدت رئاسة الحكومة أن اللقاء عقد في أجواء إيجابية وبنّاءة، وتناول مختلف جوانب العلاقات الثنائية، مع التأكيد على الرغبة المشتركة في فتح صفحة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار.
ملفات عالقة
شكل الاجتماع فرصة للتداول في ملفات مشتركة، منها ضبط الحدود ومنع التهريب، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين بالتنسيق مع الأمم المتحدة، إضافة إلى ملف الموقوفين السوريين والمفقودين اللبنانيين. كما تم التطرق إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية، وتعزيز التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا.
علاقات متوازنة
أكد سلام حرص لبنان على بناء علاقات سليمة ومتوازنة مع سوريا، على قاعدة التعاون بين دولتين مستقلتين تربطهما الجغرافيا والتاريخ، مشدداً على أن الانفتاح والحوار الصادق هما الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار في البلدين والمنطقة.
معالجة سريعة
أشار نائب رئيس الحكومة طارق متري إلى العزم على معالجة كافة المسائل بروح طيبة وبسرعة، مؤكداً وجود إرادة سياسية مشتركة لمعالجة كل القضايا من دون محرمات أو مقايضة.
فرص استثمارية
أكد الشيباني وجود فرص كبيرة في سوريا ولبنان على الصعد الاقتصادية والاستثمارية. وأشار إلى أن الملفات التي تم بحثها تحتاج إلى نقاش معمق ولجان تقنية، بما يدفع بعجلة العلاقات الهادئة والمستقرة، ويفتح المجال أمام شراكات استراتيجية.
تنسيق أمني
أشار الشيباني إلى التقدم الكبير في قضية الموقوفين السوريين في سجن رومية، مؤكداً على نتائج ملموسة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى مناقشة برنامج إعادة اللاجئين، وضرورة ضبط الحدود بين البلدين. كما أكد تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي المشترك، وسبل عقد لجان تقنية واقتصادية في مجالات الاستثمار.
زيارة تاريخية
وصف الشيباني الزيارة بالتاريخية والمهمة، مؤكداً أن شكل العلاقة بين سوريا ولبنان سينتقل من العلاقة التي كانت في عهد النظام السابق إلى علاقة مبنية على الاحترام بين الأشقاء.