في خضم التحركات الدبلوماسية المكثفة، تتواصل المشاورات بين الوسطاء والضامنين حول إنشاء قوة دولية في قطاع غزة. يأتي ذلك بالتزامن مع حراك أميركي في مجلس الأمن الدولي، يهدف إلى تمرير مشروع قرار يسمح بإنشاء هذه القوة لمدة لا تقل عن عامين، التزاماً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة مصرية قطرية أميركية تركية.
خلافات تعرقل القرار
المشاورات الحالية، التي كشفت عنها وسائل إعلام أميركية، تُواجه تحديات كبيرة. كشف الوسيط بشارة بحبح عن وجود أربعة خلافات رئيسية تتعلق بتشكيل القوة الدولية ومهامها، مما قد يعيق التوصل إلى توافق في مجلس الأمن، خاصة بين الدول الخمس الدائمة العضوية.
خبراء ومحللون سياسيون يتوقعون أن تستغرق الأمور بعض الوقت في ظل العقبات القائمة. يرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، أن هذه الخلافات قد تؤخر صدور قرار من مجلس الأمن بشأن القوات الدولية.
سيناريو بديل للقوات
مصدر مطلع من دولة وسيطة يرجح إمكانية تشكيل القوات الدولية بقرار من واشنطن، في حال استمرار الخلافات في مجلس الأمن. هذا السيناريو، الذي تفضله إسرائيل، لا يحظى بقبول دول الوساطة والضامنين.
اتفاق غزة لا يزال في مرحلته الأولى، مع استمرار تعثر تسليم “حماس” لجميع جثث الرهائن. يسعى الوسطاء للتقدم نحو المرحلة الثانية، التي تشمل ترتيبات أمنية، مثل القوة الدولية، وإدارية، مثل اختيار لجنة تنفيذية لإدارة قطاع غزة.
تفاصيل الخلافات الأربعة
موقع “أكسيوس” الإخباري ذكر أن الولايات المتحدة أرسلت مشروع قرار إلى أعضاء مجلس الأمن، يهدف إلى إنشاء قوة دولية في غزة بحلول شهر يناير (كانون الثاني). هذا المشروع يأتي في ظل مفاوضات بين أعضاء المجلس لتحديد طبيعة هذه القوة ومهامها.
المشاورات الجارية بين أطراف اتفاق غزة تواجه تعقيدات بسبب خلافات متعددة. هذه الخلافات تتعلق بدور القوات، وإدراج خطة ترامب للسلام، ومشاركة القوات التركية، ومهام نزع السلاح من “حماس”.
مقترحات وتحديات
مشروع القرار الأميركي يتضمن أن تكون القوة الأمنية الدولية “قوة تنفيذية وليست قوة لحفظ السلام”. تهدف القوة إلى المساهمة في استقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح، وتدمير البنى التحتية العسكرية والإرهابية، ونزع أسلحة الجماعات المسلحة غير الحكومية بشكل دائم.
ستُكلف القوة الأمنية الدولية بتأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة. خلال فترة انتقالية، ستنسحب إسرائيل تدريجياً من أجزاء إضافية من غزة، مع ضرورة إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات تمكنها من السيطرة على غزة على المدى الطويل.
تحولات ضرورية
السفير محمد العرابي أكد على أهمية الحصول على موافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لانتشار أي قوة عسكرية في بلد ما. النقاط المتعلقة بتفاصيل الوجود العسكري والتكوين والتفويض قد تدفع بعض الأعضاء الدائمين لاستخدام حق النقض (الفيتو)، مما يمثل “عقبة في تشكيل القوة”.
الخبيرة الأميركية إيرينا تسوكرمان تتوقع أن يواجه مشروع القرار الأميركي عراقيل، مع احتمال تأييد فرنسا وبريطانيا، ومعارضة روسيا والصين. “حماس” أيضاً تعتبر عقبة أمام هذا الاختيار، لأنه سيكون بداية لتهميشها.
اجتماع إسطنبول ومخرجاته
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أشار إلى أن العمل لا يزال جارياً على قرار الأمم المتحدة لإرسال قوة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة. تركيا ودول أخرى ستقرر بناءً على مضمون هذا التعريف ما إذا كانت سترسل قوات أو لا.
اجتماع إسطنبول رفض أي وصاية دولية، ويتمسك بقوة فلسطينية تكون لها صلاحيات واضحة. هذا الموقف قد يدفع إحدى الدول الخمس للاعتراض على المشروع، بالإضافة إلى رفض إسرائيل مشاركة تركيا في هذه القوة.
مصر ودور الوساطة
السفير العرابي يرجح أن يأخذ ملف القوات الدولية وقتاً للوصول إلى توافقات بشأنه، لافتاً إلى أن مصر تفضل أن تصدر تلك القرارات بقرار أممي.
في ظل الاعتراضات الإسرائيلية وتخوفات “حماس”، سيحاول الوسطاء، ومنهم مصر وقطر وتركيا، اقتراح نماذج مُختلطة، لكن كل اقتراح يُقابل بالريبة من جانب أو آخر، مما سيطيل أمد التوافق.


