شهدت الولايات المتحدة تراجعًا كبيرًا في التمويل الفيدرالي للبحث العلمي خلال إدارة الرئيس دونالد ترمب، مما أدى إلى فقدان آلاف العلماء لوظائفهم أو منحهم. في هذا السياق، استغل عدد من الحكومات والجامعات حول العالم هذا التوجه لاستقطاب الكفاءات العلمية.
فرص جديدة في كندا
أطلقت كندا برنامجًا جديدًا بعنوان “كندا تقود” الشهر الماضي، يهدف إلى دعم المبتكرين الجدد من خلال جذب الباحثين في مجال الطب الحيوي الذين بدأوا مسيرتهم المهنية. هذه المبادرة تسعى لتعزيز بيئة البحث العلمي في البلاد.
في فرنسا، أطلقت جامعة إيكس مرسيليا برنامج “مكان آمن للعلوم” في مارس، مع التعهد بالترحيب بالعلماء الذين يواجهون تحديات في أبحاثهم بسبب الوضع الراهن في الولايات المتحدة.
أستراليا تستقطب العلماء
كذلك، أعلن “برنامج جذب المواهب العالمية” في أستراليا عن تقديم رواتب تنافسية لتشجيع الباحثين الأميركيين على الانتقال، بالإضافة لتحمل نفقات الانتقال والإقامة. وأوضحت آنا ماريا أرابيا، رئيسة الأكاديمية الأسترالية للعلوم، أن هذه الفرصة تمثل جذبًا لبعض العقول اللامعة إلى البلاد.
هولدن ثورب، رئيس تحرير مجلة “ساينس”، علق على تراجع التمويل الفيدرالي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة استثمرت مبالغ ضخمة في البحث العلمي منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما جعلها تحتل موقع الصدارة علميًا. ولفت إلى أن هذا النظام يعاني من اهتزازات عنيفة حاليًا.
تغيرات في ميزانية البحث
تسعى إدارة ترمب إلى مراجعة الإنفاق في موازنة الفيدرالية، حيث يُقترح خفض ميزانية المعاهد الوطنية للصحة بنسبة 40% وميزانية مؤسسة العلوم الوطنية بنسبة 55%. وقد أقدمت العديد من الجامعات على تجميد التوظيف أو تسريح الموظفين.
في خطوة أخرى، ألغت إدارة ترمب أيضًا الإذن الممنوح لجامعة هارفارد لاستقبال الطلاب الدوليين، على الرغم من أن أحد القضاة أوقف ذلك مؤقتًا. يتزايد القلق في مؤسسات البحث العالمية من تأثير هذه القرارات على التعاون مع الجهود البحثية في الولايات المتحدة.
الحرية الأكاديمية
تسعى الجامعات حول العالم لجذب العلماء من خلال تقديم “الحرية الأكاديمية” كعنصر جذاب. رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت أن الاتحاد الأوروبي بصدد ترسيخ حرية البحث العلمي في القانون، في إطار مبادرة “اختر أوروبا للعلوم”.
إريك بيرتون، رئيس جامعة إيكس مرسيليا، أضاف أن الباحثين الأميركيين يفضلون العمل في بيئة تضمن لهم حرية البحث أكثر من مجرد العروض المالية.
توقعات بخصوص هجرة الأدمغة
بينما يُعتبر من المبكر الحديث عن “هجرة الأدمغة”، إلا أن بعض المؤسسات شهدت اهتمامًا متزايدًا من الباحثين الأميركيين للانتقال إلى الخارج. ففي عام 2023، تموّل الولايات المتحدة نحو 29% من جهود البحث والتطوير على مستوى العالم.
يعكس الطلب المتزايد على برنامج “مكان آمن للعلوم” بالسماح لعدد كبير من العلماء في الولايات المتحدة بالقيام بخطوات جادة نحو الانتقال، حيث قدم حوالي نصف الطلبات الشائكة من هؤلاء العلماء.
زيادة اهتمام العلماء في الخارج
مؤخراً، لوحظت زيادة ملحوظة في الطلبات من العلماء المقيمين في الولايات المتحدة لبعض البرامج البحثية الأوروبية. على سبيل المثال، برنامج “ليز مايتنر للتميز” في ألمانيا استقطب ثلاثة أضعاف عدد المتقدمين هذا العام مقارنة بالسابق.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر بيانات شركات التوظيف في هذا القطاع زيادة بنسبة تتراوح بين 25 إلى 35 في المائة من المتقدمين من الولايات المتحدة، مما يوضح حالة عدم اليقين التي تسيطر على المستقبل المهني للعلماء في أمريكا.
مع ذلك، لا يزال هناك تساؤل حول ما إذا كانت الفرص المتاحة في أوروبا يمكن أن تعوض عن فقدان الوظائف في الولايات المتحدة.