أعلنت الجماعة الحوثية، التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية، عن نيتها سداد جزء من الديون التي تخص صغار المودعين، وذلك في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات. وكشفت الجماعة أنها ستبدأ في دفع هذه المبالغ على مدى يصل إلى 17 عاماً، بعد مصادرتها للأرباح التي تراكبت على مدى 20 عاماً، وتحويل الودائع إلى حسابات جارية.
آلية السداد المقترحة
وجه فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء، رسالة تحدد آلية سداد الدين العام المحلي لصغار المودعين. وتستهدف الآلية فقط الذين استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، بشرط ألا تتجاوز ودائع أي منهم عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار) وفقاً لأرصدتهم في 30 نوفمبر الماضي.
وبحسب الرسالة، سيتم صرف المبالغ لمن يتقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية. ستحدد قيمة السداد بحوالي 200 دولار شهرياً لكل مودع، مما يعني أن عملية السداد قد تمتد على مدى 16 عاماً وثمانية أشهر. وكانت الجماعة قد أصدرت في السابق قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة، ومن ثم قررت تحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، مما يعني حرمان المودعين من الأرباح المتراكمة.
شروط ومعايير الاسترجاع
حددت الجماعة الحوثية في رسالتها، التي اطلعت عليها “الشرق الأوسط”، موعد بدء تقديم طلبات الاستعاضة في شهر فبراير المقبل، مع ضرورة التزام المودعين بالإجراءات والتعليمات المطلوبة، وإرفاق البيانات اللازمة. كما ألزموا البنوك بتنفيذ التعليمات الصادرة عن إدارة البنك المركزي.
وتوعدت الجماعة بإيقاف أي عملية استرجاع في حال عدم الالتزام، وحمَّلت أي بنك يخالف تعليماتهم المسؤولية كاملة عن النتائج المترتبة على ذلك. كما تقضي الشروط بفتح حساب خاص بالخزينة لتقييد المبالغ المستلمة من الحسابات، مع التأكيد على فصل حسابات الخزينة الخاصة عن حسابات الخزينة العامة.
تحذيرات ورقابة صارمة
أكدت الجماعة الحوثية على ضرورة عدم قيد أي عمليات دائنة لغير النقدية إلى حسابات العملاء بعد 30 نوفمبر الماضي، إلا بموافقة خطية مسبقة من فرع البنك المركزي بصنعاء. وتطلب الجماعة أيضاً تقارير شهرية أو عند الطلب، تتضمن تغييرات في أرصدة العملاء والمركز المالي.
ومع ذلك، يستثنى من قرار السداد صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين لديهم التزامات أخرى تجاهه.
معلومات إحصائية
تقدّر المصادر الاقتصادية إجمالي عدد المودعين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بمليون ومئتي ألف مودع، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي. إلا أن الجماعة تصر على مصادرة هذه الأرباح بدعوى محاربة الربا في المعاملات التجارية.
ويأتي هذا الإجراء في إطار محاولات الجماعة للتخفيف من التداعيات السلبية لقرار مصادرة الأرباح، حيث يعاني القطاع المصرفي من شلل تام بسبب تطبيق قانون منع التعاملات الربوية. وقد أدى ذلك إلى فقدان الثقة بين البنوك والمودعين، وتدهور العوائد على المدخرات.
التأثير على السيولة
أدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم نقص السيولة في القطاع المصرفي. وتُقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، ما يعادل حوالي 9 مليارات دولار، في ظل استمرار سعر الدولار في مناطق سيطرة الحوثيين عند 535 ريالاً.
هذا بالإضافة إلى الأزمة التي تعاني منها البنوك في استرداد قروضها من المستثمرين، والتي تُقدّر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحقق عوائد تصل إلى مليار دولار، لكن هذه العوائد باتت مهددة بسبب قانون منع التعاملات الربوية.