استقطبت أسواق الذهب المصرية الأسبوع الماضي اهتمام العديد من المواطنين، حيث حلّ سؤال “أشتري الآن أم أنتظر؟”، كأهم محور للنقاش بين رواد المقاهي. في هذا الإطار، طرح المصري محمد عبد الحميد تجربته مع أصدقائه حول استثمار مدخراته التي تصل إلى 70 ألف جنيه (حوالي 1475 دولاراً) في شراء الذهب، بعد ارتفاع الأسعار المستمر. فيما تباينت النصائح حول شراء الذهب، تفاعل عبد الحميد مع ما يجري في السوق، ليتوجه في نهاية المطاف إلى شراء سبيكة ذهبية وزن 10 غرامات.
ارتفاع الأسعار التاريخي
واصل سعر الذهب في مصر تسجيل أرقام قياسية، حيث أغلق يوم الاثنين الماضي على مستوى تاريخي جديد. جاء ذلك بدعم من زيادة توقعات انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية، بالإضافة إلى عودة التوترات الجيوسياسية التي ساهمت في زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن. ومُعتمدًا على بيانات منصة “آي صاغة”، ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو 100 جنيه للغرام، بينما سجلت زيادة إضافية في صباح الثلاثاء بقيمة 60 جنيهاً، ليصل سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر تداولاً) إلى 5960 جنيهاً.
سوق الذهب نشطة
لم يكن عبد الحميد هو الوحيد الذي اتجه إلى سوق “الصاغة”، حيث شهدت السوق حركة ملحوظة مع إقبال متزايد على الشراء. وفقًا لأمير رزق، تاجر الذهب المصري، فإن قاعدة السوق لم تتغير كثيرًا على مر العقود: “كلما ارتفع سعر الذهب، زاد الإقبال عليه”. على الرغم من الارتفاعات المستمرة، لا يزال الطلب قويًا، مع ميول واضحة نحو شراء السبائك الصغيرة.
تشير التقارير إلى أن حجم مشتريات المصريين من الذهب في 2024 بلغ 50.1 طن، بينما كانت 32.5 طن في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. ويستمر التركيز على شراء السبائك الصغيرة ذات الأوزان 2، 5، و10 غرامات، بعد أن انخفضت نسبة المبيعات المتعلقة بالزينة إلى 5-7% بسبب ارتفاع الأسعار.
النقاشات الرقمية
تتجاوز مناقشات الإقبال على الذهب حدود المقاهي، حيث يتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي بشكل فعال. يقول مدحت عليش، تاجر ذهب في مصر الجديدة، إن السوق تشهد حالة من “التخبط”، مما يساهم في زيادة التساؤلات حول ما إذا كان الوقت مناسبًا للشراء. ويؤكد أن الذهب يبقى خياراً أفضل من السيولة النقدية في ظل الظروف الحالية.
تشير التغيرات في ثقافة شراء الذهب بين المصريين إلى تحول كبير، حيث أصبح الطلب يتركز بشكل أكبر على السبائك والجنيهات الذهبية لأغراض الادخار، بعد أن كانت “الشبكة” تمثل العمود الفقري للمبيعات في السنوات السابقة. وفقًا لهاني ميلاد، رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات، فإن السوق ما زالت تتمتع بنشاط، مع تسارع المواطنين للشراء قبل ارتفاع الأسعار أكثر.
دوافع الشراء
يرجع الخبير الاقتصادي عادل عامر الإقبال المتزايد على الذهب إلى دوافع اقتصادية واجتماعية، حيث يعد الذهب ملاذًا آمنًا يحفظ القيمة في ظل التضخم المتزايد. يعتبر الذهب، وفق الوعي الجمعي المصري، رمزًا للأمان في أوقات الأزمات، ما يعزز الإقبال على الشراء، خصوصًا للسبائك.
يؤكد محمد عبد الحميد، الذي اشترى سبيكة ذهبية، أن “أغلى سعر اليوم هو أرخص سعر غدًا”، مما يعكس الاتجاه العام للتحول إلى الاستثمار في الذهب بالرغم من الارتفاعات. سعي المواطن المصري لشراء الذهب يعتبر سلوكاً دفاعياً عقلانياً في بيئة اقتصادية لا تخلو من الشكوك.