اعتقلت جماعة الحوثي في اليمن العشرات من المواطنين في محافظتي الحديدة وصعدة، عقب تنفيذ غارات جوية أميركية، بزعم انتهاك التعليمات الأمنية التي تحظر نشر أو تصوير المواقع المستهدفة.
اعتقالات في الحديدة
شملت الاعتقالات أكثر من 10 أشخاص في مديرية “الحَوَك” بمنطقة الحديدة، وذلك على خلفية تصوير أحد المواقع التي تعرضت للقصف الأميركي. وأفاد السكان أنه من بين المعتقلين شابين ظهرت أصواتهما في مقطع فيديو يوضح استهداف منزل، حيث أكد الحوثيون وفاة تسعة من سكان ذلك المنزل.
أبدى سكان المنطقة استغرابهم من هذه الحملة، مشيرين إلى أنه إذا كانت هذه الإجراءات تُتخذ بسبب تصوير منزل، فكيف سيكون الحال لو تم الكشف عن مواقع عسكرية أو مقرات قيادة تابعة للجماعة؟
ويشير الأهالي إلى أن العديد من القيادات العسكرية والأمنية ترتبط بعملية الاستهداف، حيث تُستخدم الفنادق كأماكن آمنة، بالإضافة إلى استغلال جزء من المباني الجامعية والمنازل القريبة من المراكز الطبية كمواقع للإيواء.
حملة تضييق
تأتي هذه الاعتقالات بعد حملة مشابهة شملت نحو 50 مدنياً في مدينة الحديدة، حيث اتهموا بإرسال إحداثيات أو نشر معلومات حول المواقع التي تم قصفها من قبل الطيران الأميركي.
وفي الأيام الأخيرة، شن الحوثيون عمليات اختطاف استهدفت عشرات المدنيين في محافظتي الحديدة وصعدة تحت مبررات تتعلق بالتخابر والتجسس.
من جهتها، أكدت إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية اليمنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، أن المعتقلين في الحملة الأخيرة كانوا يحصلون على مساعدات خيرية من أحد رجال الأعمال، وهو ما استخدمته الجماعة كذريعة لتهمتهم بالتجسس.
تشديد الرقابة
تصاعدت حملات الاعتقال الحوثية تزامناً مع استئناف الولايات المتحدة قصف مواقع تابعة للجماعة. وقد حذر جهاز الأمن والمخابرات الحوثي جميع المواطنين من الإشارة إلى المواقع المستهدفة، مشدداً على أن المعلومات التي تُجمع تستفيد منها الولايات المتحدة في تجديد بنك أهدافها.
كما فرض الحوثيون رقابة مشددة على أي نشر أو تصوير للضربات الجوية الأميركية، حيث تسيطر دائرتهم الإعلامية على محتوى الأخبار المصرح بنشرها، ما يمنع أي تغطية من قبل الوسائل الإعلامية المستقلة.
وفي محافظة صعدة، أفادت مصادر محلية بأن الاعتقالات شملت العديد من المواطنين بعد الضربات التي استهدفت مخابئ أسلحة ومراكز قيادة، متهمة إياهم بإرسال إحداثيات للجانب الأميركي أو بتسريب معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
استهداف العاملين بالمنظمات
منذ منتصف العام الماضي، كثفت جماعة الحوثي حملات الاعتقال، والتي طالت أكثر من 70 موظفاً من المنظمات الأممية والدولية والمحلية، بتهم التجسس لصالح الولايات المتحدة، مع محاولات لفرض عقوبات تصل إلى الإعدام على هؤلاء المعتقلين.
تستمر هذه الحملة في ظل صعوبات وشروط مشددة تعيق عمليات الرصد والتوثيق من قبل النشطاء والمنظمات الحقوقية، في ظل السيطرة الأمنية القاسية التي تفرضها الجماعة على كل منافذ المعلومات.