أثار رجل الأعمال المصري حسن هيكل الجدل مرة أخرى حول “المقايضة الكبرى” لزيادة الدين العام المحلي، وذلك بعد إعادة نشر اقتراحه على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي.
أزمة الدين العام
في عام 2022، عرض هيكل خلال اجتماع مع عدة رجال أعمال ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، حلاً يُعتبره قابلاً للتطبيق لمساعدة مصر على الخروج من أزمة الدين العام. يتضمن هذا الحل تحميل الدين للبنك المركزي المصري من خلال إنشاء صندوق خاص للدين.
لاقى هذا الاقتراح رفضاً واسعاً من قبل الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين، الذين اعتبروا أن المركزي لا يمكنه تحمل هذا الدين، محذرين من أن هذه الخطوة قد تتسبب في انهيار الاقتصاد.
طرح الاقتراح مجددًا
قبل يومين، أعاد هيكل طرح اقتراحه في توقيت حرج، حيث بلغ الدين العام للحكومة المصرية نحو 15 تريليون جنيه بنهاية العام المالي الماضي. وكان الدين الخارجي قد وصل إلى 161 مليار دولار بحلول نهاية يونيو الماضي، وذلك وفق بيانات رسمية من البنك المركزي المصري.
تعمل الحكومة المصرية حالياً على وضع خطة للحد من الدين العام، إذ تستهدف تقليل الدين الأجنبي من نحو 45% إلى 40% أو أقل من إجمالي الناتج المحلي، كما أفاد مدبولي. ويشير وزير المالية أحمد كجوك إلى أن إجمالي الدين العام قد تراجع من 97% في يونيو 2023 إلى أقل من 85% بحلول نهاية يونيو 2025.
وجهات نظر متباينة
كان هيكل قد حاول إعادة صياغة وجهة نظره لجذب مؤيدين لفكرته، حيث طرح خمسة سيناريوهات تحت مفهوم “المقايضة الكبرى” للدين العام.
- الغرق في الديون
اقترح هيكل تحميل الدولة للمديونية، مع توقعه أن تتضاعف الفوائد بنسبة كبيرة. ورأى أن الحل يكمن في طلب إسقاط الفائدة من البنك المركزي مقابل تنازل عن الاستثمارات.
- تدخل البنوك المركزية
اعتبر هيكل أن تدخل البنوك المركزية في أوقات الأزمات ينحصر في المصلحة العامة، مشيراً إلى تدخل الفيدرالي الأمريكي في أزمة 2008.
تضخم الربحية والتحديات
- تضخم ربحية البنوك
شهدت الربحية للبنوك التجارية في مصر ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية، نتيجة لاستثمارها لأموال المودعين في أذون وسندات الخزانة.
- الفائدة وأذون الخزانة
لاحظ هيكل أن رفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم ليس بالضرورة الحل الصحيح، مشيراً إلى أن متوسط معدل التضخم تراجع إلى أقل من 10% شهريًا.
بحسب هيكل، فإن أهداف البنك المركزي تتجاوز محاربة التضخم وتتركز على جذب الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة.
فرص أزمة جديدة
- التهام الفوائد
أشار هيكل إلى صعوبة استمرار الدولة في تغطية فوائد الدين بموازنة محدودة، في ظل محدودية الموارد وزيادة الضرائب وإعادة النظر في برامج الدعم.
وفي تعليقه على الاقتراح، وصف هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي، الفكرة بـ “غير القابلة للتطبيق”. وحذر من أنها قد تؤدي إلى أزمة بدلاً من حلها.
البدائل المقترحة
اعتبر عز العرب أن الحل الأنسب هو دمج الميزانيات الاقتصادية، مشيرًا إلى أهمية تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة الإيرادات الضريبية. ودعا إلى وضع سقف للقروض كقيمة، وليس كحصة من الناتج المحلي.
ساويرس يتدخل
أضاف نجيب ساويرس، رجل الأعمال، تعليقات عن أهمية معالجة أزمة الإيرادات المحدودة وحجم الدين، مشددًا على الحاجة إلى حلول تتجاوز الأفكار المبتكرة.
اتفقت بعض الآراء من خبراء اقتصاديين آخرين مع عز العرب حول خطورة فكرة “المقايضة الكبرى”، مشيرين إلى أنها قد تؤدي إلى تداعيات أكبر على السياسات الاقتصادية.
والخلاصة أن السياسات الاقتصادية تحتاج إلى استراتيجيات مدروسة وقائمة على أسس علمية بدلاً من الحلول السريعة.


