الأربعاء 30 أكتوبر 2024
spot_img

حرب المعادن الحيوية.. الصين تفرض السيطرة على أمريكا والغرب

في إطار تعزيز سيطرتها على إمدادات المعادن الحيوية العالمية، اتخذت الصين خطوة جديدة بإدراج معدن الأنتيمون “Antimony” ضمن قائمة المعادن التي تخضع لقيود التصدير الصارمة، الأمر الذي يشكل تهديدا واضحا للغرب وأمريكا، خاصة وأن هذا المعدن يُعد عنصراً أساسياً في تصنيع الأسلحة والذخائر، وتسيطر عليه الصين بشكل كبير وسيحتاج أي تصدير له إلى موافقة مسبقة من حكومة بكين.

وزارة التجارة الصينية ذكرت في بيان صدر نهاية الأسبوع الماضي، أن القيود الجديدة على تصدير الأنتيمون ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 15 سبتمبر 2024، وذلك لدواعٍ تتعلق بحماية الأمن القومي، ووفقاً لتقرير صحفية فإن هذه الخطوة تأتي رداً على الضغوط المتزايدة من إدارة بايدن لمنع الصين من التقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي وتصنيع الرقائق الإلكترونية.

الصين تحتكر الإمدادات العالمية

الصين تُعد المصدّر الرئيسي لأكثر من 30 معدناً حيوياً على مستوى العالم، بما في ذلك 56% من الإمدادات العالمية من معدن الأنتيمون، وذلك حسب دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي في عام 2023، ورغم تراجع إنتاج الصين من الأنتيمون من 61 ألف طن في عام 2020 إلى 40 ألف طن في عام 2023، إلا أن تأثيرها على السوق العالمية ما زال قوياً، مما أثار مخاوف من حدوث نقص عالمي وارتفاع كبير في الأسعار.

الأنتيمون يثير المخاوف العالمية

بحسب بيانات Fastmarkets، شهد سعر الأنتيمون ارتفاعاً بنسبة تقارب 100% هذا العام، ليصل إلى 23,150 دولاراً للطن، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2005، حيث تزامن هذا الارتفاع مع تصاعد القلق العالمي بشأن توسع الصين في فرض قيود التصدير على المعادن الحيوية، بما في ذلك الجاليوم والجرمانيوم والجرافيت، مما أدى إلى تراجع صادرات هذه المعادن نتيجة الصعوبة في الحصول على التراخيص اللازمة.

الأنتيمون من المعادن المعروفة منذ العصور القديمة، لكنه لم يكن يستغل بقدر أهميته، والآن أصبح هذا المعدن ذا أهمية كبيرة في العديد من التطبيقات الصناعية والهندسية، حيث يُستخدم بصورة كبير في الصناعات العسكرية، وبشكل رئيسي كمثبط للهب وفي تحسين أداء الخلايا الشمسية والمكونات الإلكترونية الدقيقة، إلى جانب استخدامه في صناعة الزجاج والسيراميك والبطاريات.

دعوة أميركية لإصلاحات السوق مع الصين

في شهر يوليو الماضي، وجهت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، انتقادات للقيود التي تفرضها الصين على تصدير المعادن الحيوية، وردا على ذلك دعا رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، إلى التوصل لتسوية مع واشنطن لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، في إشارة إلى رفع القيود الأمريكية التي تفرضها على بكين.

التقت يلين مع لي خلال زيارتها إلى بكين، التي تهدف إلى تخفيف التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وفي تصريحاتها أكدت أن واشنطن وحلفاءها الغربيين سيواصلون الرد على ما وصفتها بأنها “ممارسات اقتصادية غير عادلة” من الصين.

قالت يلين: “نسعى إلى منافسة اقتصادية سليمة تعتمد على قواعد عادلة يستفيد منها البلدان بمرور الوقت، وليس على مبدأ الفائز يأخذ كل شيء”. وأفادت وزارة الخزانة بأن الاجتماع كان “صريحاً وبناءً”.

من جانبه، أعرب لي كه تشيانغ في بيان له، عن أمله في أن تتخذ الولايات المتحدة موقفًا عقلانيًا وعمليًا لدفع العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح قريبًا.

ورغم الحديث المتزايد عن إمكانية الفصل الاقتصادي بين البلدين، إلا أن آخر البيانات تشير إلى أن التجارة الثنائية بين أكبر اقتصادين في العالم بلغت 690 مليار دولار العام الماضي، مما يعكس الروابط الاقتصادية الوثيقة بينهما.

سباق الهيمنة على المعادن في أفريقيا

لم تكتفي الصين وأمركيا بحربهما على المعادن التي تنتجها كل منهما محليا، حيث تشهد إفريقيا سباقًا محمومًا بين واشنطن وبكين للسيطرة على الثروات المعدنية الهائلة في القارة، التي تمثل 33% من إجمالي الثروة المعدنية في العالم، ويرتكز هذا التنافس بشكل خاص على معدن الليثيوم، الذي يوصف بأنه “الذهب الأبيض” لأهميته في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

فيما تتسابق القوى الكبرى للاستحواذ على خام الليثيوم الإفريقي، تُظهر الصين تفوقًا واضحًا، حيث أنفقت بكين مليارات الدولارات على صفقات حصرية في القارة، خاصة في زيمبابوي التي تمتلك أكبر احتياطي لليثيوم في إفريقيا.

ويُعد الليثيوم من أخف العناصر الصلبة في الجدول الدوري، وتجعله إمكاناته الكهروكيميائية العالية ضروريًا لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

ومن المتوقع أن يشهد الطلب على الليثيوم زيادة كبيرة تصل إلى خمسة أضعاف بحلول عام 2030، مدفوعًا بالانتشار السريع للسيارات الكهربائية، حيث يعتبر تأمين إمدادات الليثيوم “الموثوقة والكافية” من أبرز التحديات التي تواجه شركات صناعة السيارات، إذ يتزايد الضغط على هذه الشركات لتلبية الطلب العالمي المتزايد.

وتشير التقارير العالمية إلى أن القلق بشأن الوصول إلى المعادن الحيوية بلغ أعلى مستوياته في الغرب مؤخرا، وأن الصين نجحت في بناء موقع مهيمن على العديد من المعادن الأساسية لتحول الطاقة، بما في ذلك الكوبالت والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة.

وفقًا للتحليلات، من المتوقع أن تشتد المنافسة الدولية للاستحواذ على إنتاج الليثيوم الإفريقي خلال السنوات المقبلة، حيث تشير التقديرات إلى أن إنتاج القارة قد يرتفع إلى نحو 497 ألف طن متري بحلول عام 2030.

أهمية المعادن الحيوية

المعادن الحيوية مثل الأنتيمون والليثيوم والكوبالت، تعد من العناصر الأساسية في الاقتصاد الحديث، وتلعب دوراً مهماً في الصناعات التكنولوجية والطبية والبيئية، ومع تزايد التحديات المتعلقة بالإمدادات، يبقى تأمين هذه المعادن بعيداً عن السيطرة الصينية أولوية قصوى للعديد من الدول الغربية.

المعادن الحيوية
المعادن الحيوية

اقرأ أيضا

اخترنا لك