الجمعة 11 أبريل 2025
spot_img

حرب أوكرانيا تمهد الطريق لتطوير “روبوتات القتال”

تُعد الحرب من أقسى التحديات التي تواجه البشرية، إذ تُعبر عن صراع يتسم بالعنف والفوضى. وصف المفكر العسكري كارل فون كلوزفيتز الحرب بـ”الحرباء» التي تتكيف مع محيطها، بينما يحذر ونستون تشرشل من عواقب التورط فيها، مشيرًا إلى أن رجل الدولة الذي يستسلم لحمى النزاع يصبح رهينة للأحداث غير المتوقعة التي يفقد السيطرة عليها.

ورغم الطبيعة الدموية للحرب، إلا أنها ساهمت بشكل غير مباشر في تقدم البشرية عبر العديد من الابتكارات. يُعتبر عالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورينغ رائد الذكاء الاصطناعي، حيث ساهم في تحليل رموز التشفير الألمانية «إنيغما» خلال الحرب العالمية الثانية، مما ساعد في تقصير أمد النزاع وتقليل حجم الخسائر البشرية، وفقًا للمؤرخين.

الحرب كركن من أركان العالم

يعتبر القائد الألماني هلموت فون مولتكيه الحرب بمثابة «ركن من أركان نظام العالم الذي شرعه الله»، حيث تتجلّى فيها فضائل مثل الشجاعة والإخلاص والتضحية. ويُشير إلى أن غياب الحرب كان سيؤدي إلى ركود البشرية وتراجع قيمها.

في السياق نفسه، يرى الفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه أن الأفكار تُغيّر العالم، بما في ذلك تلك الناتجة عن الحرب التي تساهم في تطوير الابتكارات وتطبيقها في الأسواق. ففي الستينات، وبمبادرة من وزارة الدفاع الأمريكية، نشأت فكرة الحاسوب الذي أدى لاحقًا إلى ربط الأجهزة معًا وتأسيس شبكة الإنترنت. كما عمل البنتاغون في ذلك الوقت على تطوير نظام تحديد المواقع (GPS) لمتابعة الغواصات الحاملة للأسلحة النووية.

مخاطر الحرب

عادةً ما تفاجئ الحرب أولئك الذين يبدأونها، حيث تتيح لهم تحقيق نجاحات محدودة تتناسب مع قدراتهم العسكرية. ولكن عندما يتجاوز هؤلاء حدود إمكاناتهم، يتجهون نحو ما يُعرف بـ”الامتداد الأقصى لقدراتهم»، مما يؤدي غالبًا إلى هزيمتهم. هذا ما حدث مع نابليون وهتلر.

في الحرب، كما في الرياضة، توجد مراحل للتحضير والتجهيز قبل بدء النزاع. فعلى سبيل المثال، قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، قام الرئيس بوتين بعمليات تحضير مُكثَّفة تمهيدًا للقيام بأعمال عسكرية مماثلة في جورجيا وسوريا.

الحروب المستقبلية

يعتقد العديد أن الحرب الحالية ستكون نهاية الحروب، وأن العالم بعد ذلك سيكون أفضل مما قبله، لكن التجارب أثبتت عكس ذلك. يسعى المتخصصون في مجال الذكاء الاصطناعي إلى بناء عالم مزدهر عبر السيطرة على البيانات والموارد الأولية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الذكاء يستند إلى محاكاة العقل البشري بمختلف تفاصيله.

يُذكر الخبراء بأن طبيعة الحرب ثابتة، إذ تُخاض لأهداف سياسية، لكن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي المتغيرات الأساسية في كل نزاع.

تطور الصناعات الحربية

تخدم الأسلحة المُصممة وفق استراتيجيات عسكرية معينة، لكن كل حرب تُبرز حاجات جديدة لتصميم أسلحة ووظائف متنوعة. تتطلب هذه الأسلحة مراحل مهمّة تشمل التصميم، الاختبار، والإدماج في المنظومة العسكرية القائمة. تختلف الاختصاصات لكل سلاح وتستدعي برامج تدريب وتوصيفات وظيفية موجهة. وتبقى الصعوبة قائمة في التنسيق بين مختلف أنواع الأسلحة (برية، بحرية، وجوية).

يمثل المسرح الحربي الأوكراني بيئة مثالية لصناعات الأسلحة، حيث يتم تصميمها واختبارها مباشرة مع تعديلها السريع لتلبية المتطلبات الميدانية. وبالتالي، أصبح التفاعل بين التصميم والاختبار والإدماج عملية فورية، مما يمكن أن يغير من معايير الفحص والابتكار.

وثبة جديدة للحروب

في شرق مدينة خاركيف الأوكرانية، خططت وحدة لأعمال هجومية تستند إلى تكتيكات جديدة تعتمد على الطائرات المسيّرة. تم تصميم هذه الخطة لتفعيل القتال المشترك بين مسيّرات جوية وأرضية تُدار من مركز قيادة بعيد، حيث تدعم الطائرات الجوالة بسلاحها القنابل، في حين تُوفر المسيرات الاستطلاعية تغطية مباشرة لمركز القيادة.

تواجه هذه العمليات تحديات تتعلق بتضاريس المنطقة، لكن على الرغم من تلك الصعوبات، شكلت هذه الممارسات بداية لما يُعرف بـ”حرب الروبوتات» بتقنيات متطورة لا يزال التحكم البشري فيها قائمًا. يُثير هذا التساؤلات حول مستقبل الحروب وإمكانية تحكم الآلات في النزاعات المقبلة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك