بعد سجن دام 41 عامًا في فرنسا، أُطلق سراح الناشط اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، المؤيد للقضية الفلسطينية، والمدان بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أميركي وإسرائيلي في ثمانينات القرن الماضي. ومن المقرر عودته إلى لبنان.
وانطلق موكب من ست آليات، بينها حافلتان صغيرتان، من سجن لانميزان في جنوب غربي فرنسا، دون رؤية الناشط جورج إبراهيم عبد الله.
العودة إلى الوطن
أفاد مصدر أمني أن عبد الله (74 عامًا)، وهو من أقدم السجناء في فرنسا، سينقل مباشرة إلى مطار تارب، ثم إلى مطار رواسي في باريس، ليستقل رحلة متجهة إلى بيروت.
ووصف محاميه جان – لوي شالانسيه خروجه بأنه “مصدر فرح وصدمة عاطفية وانتصار سياسي بعد كل هذه الفترة”، مؤكدًا أنه كان ينبغي إطلاق سراحه منذ فترة طويلة.
قرار بالإفراج المشروط
أصدرت محكمة الاستئناف في باريس قرارًا بالإفراج عن الناشط اللبناني في 25 تموز، شريطة مغادرته فرنسا وعدم العودة إليها.
حُكم على عبد الله بالسجن مدى الحياة سنة 1987 بتهمة الضلوع في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي عام 1982. وكان مؤهلاً للإفراج المشروط منذ 25 عامًا، لكن رُفضت 12 طلبًا لإطلاق سراحه.
طعن قضائي غير مؤثر
أعلنت النيابة العامة في باريس التقدم بطعن في قرار محكمة الاستئناف أمام محكمة التمييز، لكن هذا الطعن لن يعلق تنفيذ الحكم ولن يمنع عبد الله من العودة إلى لبنان.
وأشار شالانسيه، الذي التقى عبد الله في السجن، إلى أنه “بدا سعيدًا بالإفراج الوشيك عنه، مع أنه يدرك أنه يعود إلى منطقة الشرق الأوسط العصيبة جداً”.
تجهيزات العودة
قام عبد الله بإفراغ زنزانته المزينة بعلم أحمر يحمل صورة تشي غيفارا، وسلم الصحف والكتب إلى لجنة الدعم الخاصة به، التي تظاهر أفرادها أمام السجن.
كما أعطى غالبية ملابسه إلى سجناء آخرين، ويحمل معه “حقيبة صغيرة”، وفقًا لمحاميه.
استقبال شعبي ورسمي
تأمل عائلة عبد الله استقباله في صالون الشرف في مطار بيروت الدولي، وقد طلبت إذنًا من السلطات، التي كانت تطالب فرنسا بالإفراج عنه منذ سنوات.
ومن المقرر أن يتوجه عبد الله إلى مسقط رأسه في القبيات بشمال لبنان، حيث سيُنظّم له استقبال شعبي ورسمي يتخلّله كلمة له أو لأحد أفراد عائلته.
“دينامية النضال”
التقى عبد الله في زنزانته برفقة النائبة أندريه تورينا، وقال إن “أربعة عقود هي فترة طويلة، لكن لا تشعر بها متى كانت هناك دينامية للنضال”.
ورأى قضاة محكمة الاستئناف أن مدة احتجازه “غير متناسبة” مع الجرائم المرتكبة ومع سنّ القائد السابق لـ”الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”.
رمز من الماضي
جاء في الحكم أن عبد الله بات “رمزًا من الماضي للنضال الفلسطيني”، مشيرًا إلى أن مجموعته الصغيرة التي كان يتزعمها باتت منحلّة “ولم ترتكب أي أعمال عنف منذ 1984”.
وأسف القضاة لعدم إبداء عبد الله أي “ندم أو تعاطف مع الضحيتين اللتين يعدّهما عدوين”، لكنهم اعتبروا أنه لم يعد يشكّل أي خطر على النظام العام.
الفصائل المسلحة
أصيب عبد الله أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978، وانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم أسس الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، التي تبنت هجمات في أوروبا بين عامي 1981 و1982.
عُدَّ عبد الله مسؤولاً عن موجة اعتداءات شهدتها باريس بين عامي 1985 و1986، وأوقعت 13 قتيلاً.
محاكمات وإدانات
حُكم على عبد الله في عام 1986 بالسجن أربع سنوات بتهمة التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة ومتفجرات، وحوكم في العام التالي بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين عام 1982.
بعد شهرين من الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، تم التعرف على المسؤولين الحقيقيين عن هذه الاعتداءات، وهم على ارتباط بإيران.
“أعمال مقاومة”
لم يُقرّ عبد الله بضلوعه في عمليتي الاغتيال، اللتين صنفهما في خانة أعمال “المقاومة” ضد “القمع الإسرائيلي والأميركي” في سياق الحرب الأهلية اللبنانية والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وباستثناء عدد ضئيل من المؤيدين، بات عبد الله منسيًا على مر السنين بعدما كان في الثمانينات العدو الأول لفرنسا وأحد أشهر سجنائها.