الأربعاء 24 سبتمبر 2025
spot_img

جفاف شط العرب يهدد نحل البصرة وإنتاج العسل

spot_img

في كارثة بيئية تهدد قطاع إنتاج العسل العراقي، يواجه مربو النحل في البصرة تحديات جمة، إذ أدى الجفاف وتملح مياه شط العرب إلى نفوق أعداد كبيرة من النحل، مهدداً بذلك مصدر رزقهم ومستقبل هذا القطاع الحيوي.

جفاف يهدد النحل

يئن مربو النحل في مدينة البصرة الساحلية، مهد الحضارات القديمة، تحت وطأة ارتفاع ملوحة المياه في شط العرب، وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى الجفاف المستمر الذي ألحق أضراراً فادحة بالنظام البيئي الدقيق الذي يعتمد عليه النحل.

أكد محمود شاكر، أستاذ الزراعة بجامعة البصرة وصاحب منحل، على أهمية المياه النظيفة للنحل، مشيراً إلى أن نقصها يؤدي إلى هلاكه، مما يفاقم الأزمة التي تواجه هذا القطاع.

تراجع إنتاج العسل

كانت ضفاف شط العرب، في الماضي القريب، منطقة خصبة تزدهر بأشجار النخيل، حيث يتغذى النحل وينتج عسلاً فاخراً، يمثل دخلاً مجزياً لمربي النحل في البصرة، لكن هذا الواقع تبدل مع مرور السنين.

تقلصت المساحات الخضراء تدريجياً نتيجة الصراعات المتتالية التي شهدها العراق، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية لتغير المناخ، مما أدى إلى تدهور أعداد النخيل وتناقص أعداد النحل بشكل ملحوظ.

خسائر فادحة في المناحل

أفاد محمد مهدي مزعل الديراوي، المسؤول في مديرية زراعة البصرة، بوجود أكثر من 4 آلاف خلية نحل موزعة على 263 منحلًا في المدينة، إلا أن الصراعات والظروف البيئية القاسية تسببت في تضرر حوالي 150 منحلًا، مما أدى إلى نفوق ما لا يقل عن 2000 خلية نحل.

أوضح الديراوي أن الظروف البيئية، وعلى رأسها ارتفاع نسبة الملوحة، ألحقت أضراراً جسيمة بالنحل، وتسببت في خسائر كبيرة في أعداد الخلايا، مؤكداً أن بعض المناحل قد انتهت بالكامل نتيجة هذه الظروف.

توقعات بانخفاض الإنتاج

توقع الديراوي انخفاض إنتاج العسل لهذا الموسم بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، وذلك بسبب تأثير المد الملحي المباشر وغير المباشر على النحل، من خلال تأثيره على الغطاء النباتي الذي يعتمد عليه النحل في غذائه.

أشار إلى أن إنتاج العسل في البصرة كان يبلغ نحو 30 طناً سنوياً في ذروته، ولكنه تراجع منذ عامي 2007 و2008، ثم انخفض بشكل حاد إلى 12 طناً في السنوات الخمس الماضية، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج هذا الموسم إلى ستة أطنان فقط.

أزمات متلاحقة بالعراق

عانى العراق من ويلات الحروب لعقود طويلة، بدءًا من الحرب مع إيران في الثمانينات، مرورًا بحرب الخليج في أوائل التسعينات، وصولًا إلى الغزو الأمريكي عام 2003، وأعمال العنف التي أعقبت ذلك، وصعود وسقوط تنظيم “داعش”، إلا أن تحدي نقص المياه يهدد بيئة البلاد بأكملها.

أصبح الأمن المائي قضية ملحة في العراق، حيث انخفضت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات بشكل كبير، وتفاقم الوضع بسبب السدود المقامة في أعالي النهرين، خاصة في تركيا، وفي شط العرب، أدى تدفق مياه البحر من الخليج إلى ارتفاع نسبة الملوحة إلى مستويات غير مسبوقة.

تدهور الغطاء النباتي

أكد شاكر أن ضفاف شط العرب، التي كانت في يوم من الأيام غابات من البساتين المتنوعة، قد تدهورت بشكل كبير بسبب تغير خواص المياه، وارتفاع نسبة الملوحة إلى مستويات غير مسبوقة، مما أثر سلباً على مربي النحل الذين يعتمدون على هذه البساتين كمصدر رزق.

أشار إلى أن النحل يعاني أيضاً من ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في فصل الصيف، حيث تصل الحرارة في البصرة إلى 50 درجة مئوية، مما يزيد من معاناته ويؤثر على إنتاجه.

خطر توقف الإنتاج

حذر الديراوي من أن استمرار أزمة المياه على هذا النحو قد يؤدي إلى توقف إنتاج العسل بشكل كامل في حال وصول المياه المالحة إلى مناطق شمال البصرة خلال العام المقبل، ما ينذر بكارثة اقتصادية وبيئية تهدد المنطقة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك