في واقعة مروعة شهدتها بلدة لا غران كومب بجنوب فرنسا، أقدم شاب فرنسي يبلغ من العمر 20 عاماً، يُدعى أوليفيه، على قتل مصلي مالي داخل مسجد، يوم 25 أبريل. الشاب، الذي ينحدر من عائلة كبيرة تضم 11 ولداً في مدينة بيزييه، استغل فرصة وجود المصلي بمفرده ليستهدفه بجريمة بشعة.
تفاصيل الجريمة
دخل أوليفيه المسجد في وقت مبكر وطلب من أبو بكر سيسيه، المصلي المالي الذي كان يقوم بأعمال التنظيف، أن يُظهر له كيفية الصلاة. لكن مع شروع سيسيه في الركوع، استل أوليفيه سكينه، وطعنه بـ20 طعنة، قبل أن يعود ويطعنه 37 مرة أخرى، تاركاً إياه ينزف بغزارة. في أثناء ذلك، وثق الجريمة عبر هاتفه المحمول ونشر الفيديو على منصة إنستغرام.
توارى القاتل عن الأنظار لمدة يومين قبل أن يسلم نفسه للشرطة الإيطالية في توسكانا. وبعدها، بادر الجانب الفرنسي بتقديم طلب لتسليمه، ومن المتوقع أن تتم العملية في منتصف الشهر الحالي.
لا إرهاب في الجريمة
في سياق التحقيقات، أكدت المدعية العامة الفرنسية سيسيل جنساك أن ما حدث لا يصنف كعمل إرهابي، مشيرة إلى أن أوليفيه لم يظهر حتى الآن أي دوافع إرهابية حقيقية. وأوضحت أن القاتل كان مدفوعًا برغبة مهووسة في القتل، وليس له علاقة بالمصلي أو بأي تنظيم يُروج للأيديولوجيات المتطرفة.
وأكدت المدعية أن القاتل تصرف في عزلة، دون وجود أي صلة بمنظمة ذات طابع إرهابي. ومع ذلك، فإن عائلة الضحية رفضت هذه الرواية، معلنة عزمها تقديم شكوى لإعادة توصيف الجريمة كحادثة إرهابية، مشددين على أن الحادث وقع داخل مسجد وأن تصرفات القاتل تحمل دوافع معادية للإسلام.
ردود فعل سياسية
أثارت الجريمة جدلاً سياسياً واسعاً، حيث برزت اختلافات في الآراء حول الأبعاد القانونية والدينية للحدث. عدد من السياسيين أبدوا عدم رغبتهم في اعتبار الجريمة “معادية للإسلام”، مشيرين إلى أنها كانت فردية وليست مدفوعة بدوافع دينية. في الوقت ذاته، رفضت رئيسة البرلمان تقديم تعازي للقتيل باسم البرلمان، ما أدى إلى انتقادات واسعة.
في المقابل، أظهر وزير الداخلية قصوراً في التعامل مع الحدث، وتأخر في زيارة موقع الجريمة، وهو ما أوحى للكثير بإعادة النظر في كيفية تعاطي الدولة مع الحوادث ذات الخلفية الدينية.
تحقيقات مستمرة
تجري السلطات تحقيقات للكشف عن ملابسات أوسع للحادثة، حيث تم تحذير الأجهزة الأمنية من قبل أفراد كانوا يتواصلون مع أوليفيه على منصات التواصل حول رغباته في ارتكاب الجريمة. وأشار مختصون إلى احتمالية وجود دوافع أخرى لدى القاتل، خاصةً وأنه كان قد أكد مرارًا رغبته في استهداف شخص ما.
في الختام، تستمر استجابة الدولة للقضية في إثارة الكثير من التساؤلات حول كيفية التعامل مع مثل هذه الحوادث، وأهمية فهم الأبعاد النفسية والاجتماعية خلفها. بينما يتجه أفراد عائلة الضحية لاستكمال الإجراءات القانونية، تتجه الأنظار إلى كيفية حدوث هذه المأساة والمناخ الاجتماعي والسياسي المحيط بها.