يعد مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا المعروف بـ “إلماد” من أبرز المشاريع الاستراتيجية في مجال الطاقة، وهو ما يطلق عليه “مشروع القرن”، حيث يساهم بصورة فاعلة في تعزيز الترابط الكهربائي بين ضفتي المتوسط.
أهمية المشروع
تحت ظروف عالمية تتسم بالتصعيدات السياسية والتحديات البيئية، يزداد الاهتمام بتأمين مصادر الطاقة المتنوعة كضرورة استراتيجية. تسعى الدول، بما في ذلك تونس، إلى تحقيق استقلال طاقي يعزز أمنها في مواجهة مختلف الأزمات.
لم تعد قضية الطاقة مجرد خيار، بل باتت أمرًا ضروريًا تفرضه التغيرات المناخية والأزمات المتتالية. إدراكا منها لأهمية هذا التوجه، وضعت تونس “الاستراتيجية الوطنية للطاقة في أفق 2035″، التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وزيادة استخدام الطاقات المتجددة.
مشروع الربط الكهربائي
يعد مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا، الذي يتمثل في إنشاء رابط بحري يسمح بتبادل الكهرباء بكفاءة، أحد أبرز المشاريع في هذا السياق. يمتد المشروع لأكثر من عقدين، ويهدف لتوفير قدرة تصل إلى مئات الميغاوات بين الضفتين، بتكلفة تقديرية قدرها 1014 مليون يورو.
يتضمن المشروع أيضًا إنشاء محطة لتحويل الطاقة في مدينة منزل تميم، بالإضافة إلى خطين هوائيين بجهد 400 كيلوفولط لربط المحطة بالشبكة الوطنية. يشكل هذا المسعى خطوة نحو تعزيز تكامل الطاقة بين بلدان المغرب العربي وأوروبا.
الجدوى والفوائد
يساهم هذا الربط الكهربائي في تحسين تبادل الطاقة بين تونس وإيطاليا ويدعم جهود دمج الطاقات المتجددة. تعتزم تونس من خلال هذا المشروع تقوية شبكة الطاقة الوطنية لمواجهة الأزمات، خاصة في أوقات الذروة.
المشروع مُدرج ضمن قائمة المشاريع ذات الاهتمام المشترك (PIC) للمفوضية الأوروبية، ويهدف إلى تعزيز البنية التحتية لربط الشبكات الكهربائية الأوروبية بشبكات شمال إفريقيا. هذه الخطوات من شأنها أن تسهم في تحقيق أمن الطاقة وتنويع إمدادات الكهرباء في تونس.
الدعم الدولي
في بيان له، وصف البنك الدولي المشروع بـ “الرائد والتاريخي”، مشيرًا إلى أنه سيمكن تونس من أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة عبر ربطها بالشبكة الأوروبية عبر كابل بحري بقدرة 600 ميغاواط.
في مايو 2019، تم توقيع اتفاقية تعاون بين تونس وإيطاليا لتنفيذ المشروع، وبدأت أعمال المسح تحت البحر في أبريل 2021، واستمرت لمدة عام كامل. بحلول مارس 2022، تم التوقيع على مذكرة لتشكيل لجنة متابعة لمراحل المشروع.
مراحل الإنجاز
العمل قد تم استكماله حتى الآن بعدة مراحل حيوية، منها الاتفاقيات والتراخيص، والدراسات الفنية، وإجراءات التمويل، وتحديد مواقع المحطات في كل من تونس وإيطاليا. ومن المتوقع أن تدخل الأعمال الفعلية حيز التنفيذ قريبًا، مع آمال بدخول المشروع إلى الخدمة بحلول عام 2028.