في خطوة تصعيدية، رفض رئيس “المجلس الأعلى للدولة” الليبي، محمد تكالة، قرارًا صادرًا عن مجلس النواب بتفعيل المحكمة الدستورية. هذه أول بادرة تصعيدية يتخذها تكالة منذ انتخابه رئيسًا للمجلس، الذي يشهد خلافًا على رئاسته مع خالد المشري.
رفض تفعيل المحكمة الدستورية
أكد تكالة أن المجلس الأعلى للدولة تابع ما تم تداوله بشأن خطوات مجلس النواب لتفعيل المحكمة الدستورية المعلّقة، عبر أداء اليمين القانونية أمام مجلس النواب.
ودافع تكالة عن رفضه لهذه الخطوة، مشيرًا إلى أن المحكمة العليا سبق أن أصدرت حكمًا نهائيًا بعدم دستورية القانون رقم (6) لسنة 2023 بشأن إنشاء المحكمة الدستورية.
قانون “معدوم الأثر”
اعتبر تكالة أن القانون “معدوم الأثر” قانونيًا منذ صدوره، وبالتالي فإن جميع الآثار المترتبة عليه باطلة، بما في ذلك تعيين مستشارين أو تشكيل هيئة قضائية موازية.
يأتي ذلك بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية أمام النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة، الأحد الماضي.
دعم أممي لتكالة
يُذكر أن البعثة الأممية كانت قد أعلنت تأييدها لنتائج الجلسة التي انتُخب فيها تكالة رئيسًا جديدًا للمجلس الأعلى للدولة، وذلك على خلفية النزاع الداخلي.
تحالفات جديدة في ليبيا
بحسب مراقبين، تبدلت معادلة التحالفات بين الشرق والغرب الليبيين. إذ يُعد تكالة حليفًا لسلطات طرابلس، على عكس خالد المشري، الذي كان يعارض هذه السلطات ويميل إلى توسيع تحالفاته مع مجلس النواب في الشرق.
كان هدف المشري الدفع نحو تشكيل “حكومة جديدة” تحل محل حكومة “الوحدة الوطنية” المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
إجراء “باطِل”
شدد تكالة على أن أداء اليمين “إجراء باطل” معدوم الأثر قانونيًا، ويتم خارج إطار الشرعية الدستورية والنطاق القضائي، ولا ينشئ أي صفة قانونية لمن قام به.
وأضاف أن ذلك “تعدياً جسيماً” على اختصاصات السلطة القضائية، واعتداء مباشر على المحكمة العليا.
تحذير من الفوضى الدستورية
حذر تكالة من “خطورة المضي في فرض أجسام قضائية موازية” بالمخالفة لأحكام القضاء، معتبرًا أن هذه الممارسات تقوض استقلال السلطة القضائية وتهدد وحدة مؤسسات الدولة.
وأكد أن هذه الممارسات تفتح الباب لمزيد من الفوضى الدستورية والتنازع المؤسسي، وهو ما يخالف روح التوافق السياسي ويعرقل المسار الدستوري نحو الانتخابات.
خلفية إنشاء المحكمة
سبق أن أقر مجلس النواب في كانون الأول 2022 قانونًا لإنشاء محكمة دستورية عليا في بنغازي، بدلاً من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس. وفي حزيران 2023، صوّت بالإجماع على اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية.
إلا أن تفعيل قرار البرلمان بإنشاء المحكمة الدستورية العليا في بنغازي في أيلول 2024 أحدث ردود فعل معارضة، لا سيما مع وجود “أحكام قضائية صادرة ترفض هذا الإجراء”. كما اعتبر “المجلس الرئاسي” مشروع القانون “تغييرًا للنظام القضائي السائد في ليبيا”.
تكثيف التنسيق
في سياق متصل، استقبل تكالة في مقر المجلس بطرابلس، النائب بـ”المجلس الرئاسي” عبد الله اللافي، الذي هنأه بتوليه رئاسة “المجلس الأعلى للدولة”.
أوضح مكتب تكالة أن اللقاء تطرق إلى “مستجدات المشهد السياسي في البلاد”، مشيرًا إلى “التأكيد على ضرورة تفعيل التنسيق بين المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي، بما يسهم في كسر حالة الانسداد، وفتح آفاق جديدة للحوار والعمل المشترك”.
شدد الجانبان خلال اللقاء على “أهمية توحيد الجهود، وتعزيز التعاون المؤسسي بين مختلف السلطات، بما يدعم المسار السياسي، ويحقق تطلعات الشعب الليبي نحو الاستقرار، واستكمال الاستحقاقات الوطنية”.