تزايد القلق في صنعاء وإب مع تكثيف الحوثيين إجراءاتهم الأمنية، في الوقت الذي أكدت الحكومة الشرعية تضرر أجزاء من مدينة صنعاء القديمة، المصنفة ضمن التراث العالمي، جراء قصف استهدف مبنى الأمن القومي.
إجراءات أمنية مشددة
أفاد سكان محليون في صنعاء وإب بتزايد ملحوظ في الوجود الأمني التابع للحوثيين في مختلف الأحياء والشوارع. وتشمل هذه الإجراءات إقامة نقاط تفتيش مفاجئة على مداخل الأحياء والطرق الرئيسية.
تهدف هذه الإجراءات، بحسب السكان، إلى منع أي تحركات شعبية محتملة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر. ويخضع المارة لتفتيش دقيق يشمل هواتفهم وسياراتهم، بحثاً عن أي مواد تروج للمناسبة أو أغان وطنية.
اعتقالات واسعة النطاق
أكد السكان المحليون أن هذه الإجراءات الأمنية المشددة أسفرت عن اعتقال العشرات في صنعاء وإب، بالإضافة إلى 26 آخرين في مديريتين بمحافظة ذمار، بتهم تتعلق بالاحتفال بثورة 26 سبتمبر.
روت الطبيبة ريم خالد تجربتها المريرة مع نقاط التفتيش، حيث تم إيقافها وتفتيش سيارتها وهاتفها، بالإضافة إلى استجوابها عن انتماءاتها السياسية. ووصفت اللحظات التي عاشتها بالمرعبة.
أساليب تفتيش مستفزة
أوضحت الطبيبة اليمنية أن عناصر التفتيش التابعة للحوثيين يوجهون أسئلة شخصية للمارة ويقومون بتفتيش دقيق للهواتف والسيارات. وعند الاستفسار عن سبب ذلك، يبررون الأمر بأنه مجرد إجراءات أمنية روتينية.
ذكرت أنهم يركزون على المحادثات والصور ومقاطع الفيديو المنشورة في تطبيق “واتساب”، وأعربت عن خشيتها من العواقب الوخيمة لو عثروا على أي محتوى سياسي في هاتفها.
ترهيب للمدنيين
يؤكد رجل الأعمال نذير الأسودي أن ابنتيه، وهما طبيبتان، تعرضتا للتوقيف والتفتيش في شارع 14 أكتوبر، حيث قام الجنود بتفتيش سيارتهما وعناصر الشرطة النسائية بتفتيش هواتفهما.
وصف الأسودي عملية التفتيش بالأسلوب المستفز، واعتبره تطوراً خطيراً في مجتمع يمني يحترم المرأة ويرفض إخضاعها للتفتيش والاعتقال.
هجرة قسرية
أشار الأسودي إلى أن ابنتيه عادتا إلى المنزل في حالة رعب، وطلبتا منه مغادرة البلاد أو الانتقال إلى مسقط رأسهم في ريف محافظة تعز. وأكد أنه قرر الرحيل نهائياً عن اليمن، معبراً عن ندمه لرفض الهجرة في الماضي.
أدانت الهيئة الوطنية للأسرى والمعتقلين التابعة للحكومة الشرعية اعتقال الحوثيين لأكثر من 140 شخصاً في مناطق سيطرتهم، بينهم ناشطون وصحفيون، بسبب مشاركتهم في الاحتفال بثورة 26 سبتمبر.
انتهاكات جسيمة
أفادت الهيئة في بيان بأنها وثقت خلال الأيام الماضية اختطاف 141 شخصاً، بعد مداهمات نفذها الحوثيون، وذكرت أن من بين المختطفين ناشطين وإعلاميين ومواطنين عاديين عبروا عن آرائهم في ذكرى الثورة.
اعتبرت الهيئة أن استخدام سجون جهاز الأمن والمخابرات الحوثية أداة للترهيب السياسي والاجتماعي يرقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”، خاصة عندما يُمارس كجزء من سياسة ممنهجة واسعة النطاق ضد المدنيين.
تراث صنعاء في خطر
أكدت الحكومة اليمنية تضرر أجزاء من مدينة صنعاء القديمة، المسجلة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1986، جراء الغارات التي استهدفت مبنى جهاز الأمن القومي الخاضع لسيطرة الحوثيين.
وبحسب محمد جميح، سفير اليمن لدى منظمة اليونسكو، فقد سقط ضحايا مدنيون جراء الغارات الأخيرة التي استهدفت المدينة القديمة. وطالب المنظمة بالتحرك لحماية هذا التراث الإنساني.
أضرار بالغة
أشار المسؤول اليمني إلى أن الغارات الأخيرة ألحقت أضراراً بالغة بمنازل المدينة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم مدن العالم. وأكد السكان أن الأضرار طالت حارات البكيرية وصلاح الدين والمفتون والمدرسة.
أدانت الهيئة العامة للآثار والمتاحف بأشد العبارات هذا الاستهداف، واعتبرت أن ما جرى يمثل جريمة جديدة بحق الممتلكات الثقافية وانتهاكاً للقانون الدولي، وخاصة اتفاقية لاهاي لعام 1954.