أدت الضربات الجوية الهندية داخل الأراضي الباكستانية إلى تصعيد حاد في التوترات بين نيودلهي وإسلام آباد، عقب هجوم استهدف سياحاً هنوداً في كشمير، مما يعكس تحولًا غير مسبوق في الصراع القائم بين البلدين منذ عام 2019.
تثير هذه التطورات مخاوف دولية متزايدة، حيث ينبه المجتمع الدولي إلى ضرورة الالتزام بضبط النفس واستئناف الحوار لتجنب كارثة نووية محتملة. الهند وباكستان تملكان ترسانات نووية متقاربة، ومع ذلك تتباين عقيدتهما النووية، مما يبرز هشاشة الاستقرار الإقليمي وصعوبة السيطرة على أي تصعيد عسكري.
ترسانة نووية متقاربة
تشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) لعام 2024 إلى أن الهند تمتلك حوالي 172 رأسًا نوويًا، فيما تقدر الترسانة النووية الباكستانية بحوالي 170 رأسًا. يعكس هذا التقارب الكمي توازنًا نوويًا بين الجارتين، على الرغم من اختلاف استراتيجياتهما الدفاعية.
تتفوق الهند عمومًا على باكستان من حيث القدرات العسكرية التقليدية، بما في ذلك العدد والعتاد، في حين تعتمد باكستان بشكل رئيسي على ترسانتها النووية كوسيلة لردع التفوق الهندي.
القدرات النووية الهندية والباكستانية
هنا، يجب الإشارة إلى أن الهند تمتلك “ثالوثًا نوويًا” متكاملاً، يضم صواريخ باليستية طويلة المدى مثل “أغني-في”، وغواصات مزودة بصواريخ “أريهانت”، وطائرات مقاتلة مثل “ميراج 2000” القادرة على حمل رؤوس نووية. هذا التنوع يعزز من جاهزيتها الاستراتيجية.
في الجهة الأخرى، تركز باكستان بشكل أكبر على تطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مثل “شاهين” و”غوري”، والتي تهدف إلى تحقيق ردع سريع. ورغم عدم امتلاك باكستان لقدرة بحرية فعالة لإطلاق الأسلحة النووية، فإن ترسانتها تبقى فعالة في سياق الردع الإقليمي المباشر.
الفجوة في الإنفاق العسكري
بحسب آخر الإحصاءات، بلغت نفقات الهند العسكرية حوالي 86.1 مليار دولار، ما يجعلها واحدة من أكبر خمسة دول من حيث الإنفاق العسكري. بينما أنفقت باكستان 10.2 مليار دولار، مما يعكس فجوة هائلة في القدرات العسكرية التقليدية بين البلدين، رغم تقاربهما في عدد الرؤوس النووية.
العقيدة النووية
تتبنى الهند سياسة “عدم الاستخدام الأول”، بينما تملك القدرة على تنفيذ ضربة نووية ثانية في حال تعرضت لهجوم نووي. بعكس ذلك، تتمسك باكستان بسياسة “عدم الاستخدام الأول” ولكنها تحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية بشكل وقائي، خاصة في ظل التفوق العسكري الهندي.
تسعى باكستان إلى تعزيز قدرتها على تنفيذ “الضربة الثانية” من خلال تطوير برامج مثل صاروخ “بابور-3” المُطلق من الغواصات، مع أن هذه القدرات لا زالت في مرحلة التطوير.
سيناريوهات التصعيد
في حالة تفاقم التوترات بين الهند وباكستان، يخشى الكثير من المحللين من احتمالية استخدام الأسلحة النووية. أحد السيناريوهات المطروحة هو قيام باكستان باستخدام أسلحة نووية منخفضة القوة، مما قد يستفز الهند لترد بشكل نووي واسع النطاق، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية فادحة.
علاوة على ذلك، تسلط تقارير المعهد الضوء على أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة، مصحوبة بتحديث الترسانات النووية، تعزز من مخاطر حدوث تصعيد غير مقصود، حيث غياب آليات فعالة للحد من التسلح بين الطرفين يزيد من فرص حدوث سوء تقدير قد يؤدي إلى مواجهة نووية غير مقصودة.
هذا المحتوى من “اقتصاد الشرق مع بلومبرغ“.