في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، توصلت جامعة كولومبيا في نيويورك إلى تسوية مالية مع الحكومة الأميركية، منهية بذلك مواجهة استمرت أشهراً. التسوية أثارت مخاوف خبراء يعتبرونها “سابقة كارثية” ضمن ما يرونه هجوماً من إدارة دونالد ترامب على الجامعات.
جامعة كولومبيا تحت الضغط
أفاد ديفيد بوزن، أستاذ القانون بجامعة كولومبيا، بأن ما حدث “يندرج ضمن هجوم استبدادي أوسع على المجتمع المدني”، مشيراً إلى ضغوط مماثلة على الإعلام والمحامين.
في نهاية تموز الماضي، أعلنت كولومبيا أنها ستدفع 221 مليون دولار “لإغلاق تحقيقات متعددة” أطلقتها إدارة ترامب.
تهم معاداة السامية
التحقيقات استهدفت عدداً من الجامعات الأميركية المتهمة بالتقصير في التصدّي لمعاداة السامية داخل الحرم الجامعي، خاصة خلال الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي شهدتها الجامعات العام الماضي.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني، كثف الرئيس ترامب الضغط على الجامعات، عبر تجميد منح فيدرالية بمئات ملايين الدولارات، كما حدث مع كولومبيا.
انتقادات للتسوية المالية
ينتقد العديد من الخبراء، بمن فيهم رئيس المجلس الأميركي للتعليم تيد ميتشل، التسوية المالية التي اضطرت كولومبيا إلى إبرامها مع الحكومة.
يرى بوزن أن الاتفاق “بُني منذ البداية على نحو غير قانوني وقسري”، معتبراً إياه “ابتزازاً” مُقنّعاً “بشكل قانوني”.
استقلالية الجامعات
تنفي جامعة كولومبيا وجامعة هارفارد، وهما من أعرق الجامعات الأميركية، التغاضي عن أي شكل من أشكال معاداة السامية، وتؤكدان اتخاذ تدابير لضمان عدم شعور الطلاب والموظفين اليهود بالترهيب.
أكدت جامعة كولومبيا أن اتفاقها مع إدارة ترامب “يصون استقلالها وصلاحياتها في توظيف أعضاء هيئة التدريس والالتحاق والقرارات الأكاديمية”.
تدخل في التعليم
بالمقابل، ينتقد الأكاديمي بوزن بشدة “التدخل الكبير في استقلالية جامعة كولومبيا”.
التسوية التي تزيد قيمتها على 220 مليون دولار، تدل برأيه “على بروز نظام تحكم جديد تُعطِّل من خلاله إدارة ترامب نظام التعليم بانتظام وبشكل غير متوقع، وتطالبه بتقديم تنازلات”.
ضغوط مستقبلية
يتوقع بوزن ممارسة “ضغط هائل على جامعة هارفارد وجامعات أخرى” في الأسابيع المقبلة.
سبق أن تحدثت صحيفة “نيويورك تايمز” عن إعداد تسوية بقيمة 500 مليون دولار بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد.
منح معلقة
أوقفت الحكومة الفيدرالية، ضمن هذه المواجهة، منحاً تزيد على 2.6 مليار دولار، وألغت الترخيص الذي يتيح استقبال الطلاب الأجانب لمتابعة تحصيلهم العلمي في الولايات المتحدة.
على عكس جامعة كولومبيا، طعنت جامعة هارفارد في هذه الإجراءات أمام القضاء، في مواجهة تشكل أيضاً اختباراً لمؤسسات التعليم العالي الأخرى التي تستهدفها إدارة ترامب.
تداعيات كارثية
يخشى ستيفن ليفيتسكي، أستاذ السياسات العامة والحكم في هارفارد، من أن “تكون سابقة جامعة كولومبيا كارثية على الحرية الأكاديمية وعلى الديمقراطية”.
وأضاف: “أولئك الذين يمارسون الابتزاز لا يتوقفون عند التنازل الأول… هناك احتمال كبير أن يكون هذا مجرد خطوة أولى”.
هجوم غير مسبوق
ندد ليفيتسكي بـ “هجوم غير مسبوق” على التعليم العالي، داعياً الجامعات إلى رص صفوفها “لمحاربة نظام استبدادي”.
يرى بريندان كانتويل، الباحث في جامعة ولاية ميشيغان، أن تدخل إدارة ترامب في عمل الجامعات “لم يصل قط إلى هذا المستوى، ربما في تاريخ الولايات المتحدة”.
نموذج للجامعات
دعت وزيرة التعليم ليندا مكماهون إلى أن يكون الاتفاق مع كولومبيا “نموذجاً للجامعات الأخرى في البلاد”.
أعلنت الأربعاء عن تسوية لإعادة بعض التمويل الفيدرالي لجامعة براون في ولاية رود آيلاند، مقابل التخلي عن سياستها المتعلقة بالتنوع. وقدمت مؤسسات أخرى تنازلات، مثل جامعة بنسلفانيا التي منعت النساء المتحولات جنسياً من المشاركة في ألعاب القوى النسائية.