الأحد 17 نوفمبر 2024
spot_img

ماذا تحمل عودة ترامب من مفاجآت للعالم

ترامب المجنون أم المُنقذ.. هل يمدّ يده للسلام أم يُشعل الحروب في العالم؟

أعلن دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية -للمرة الثانية- ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، ومع هذا الإعلان أثيرت العديد من التساؤلات داخل الولايات المتحدة وحول العالم، أهمها: هل عاد ترامب للبيت الأبيض لينتقم من خصومه ويرفع من حدة التوترات وإشعال الحروب في العالم؟ أم أننا سنشهد نسخة جديدة أكثر هدوءاً وعقلانية في شخصيته التي طالما وصفت بـ”المجنونة” من أجل تحقيق الاستقرار والسلام في العالم؟

عودة ترامب.. أي وجه سيُظهر للعالم؟

دونالد ترامب.. الرئيس الأسبق والذي فاز مجددا بالرئاسة، أثار موجات متتالية من الغضب والجدل خلال فترة ولايته الأولى حيث يُعرف بشخصيته الصاخبة المجنونة، وتأتي عودته بعد سنوات من خطاباته الحادة ووعوده “بإعادة أمريكا إلى عظمتها”.

ترامب اليوم عاد في ظل مشهد سياسي عالمي أكثر تعقيدًا واحتدامًا، فالعالم يبدو وكأنه على وشك حرب عالمية مع تصاعد الأزمات الدولية، التي تلعب الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في تأجيجها، سواء من خلال دعمها غير المحدود لإسرائيل في الصراع الفلسطيني، أو بتشديدها على مواجهة النفوذ الروسي في أوكرانيا، بالإضافة إلى إثارة التوترات في منطقة المحيط الهادئ عبر مواجهة الصين.

هذا المشهد المتفجر يضع ترامب أمام اختبار جديد: هل سيستمر في سياساته التصادمية، أم سيسعى إلى تحقيق التوازن وإخماد الحرائق التي أسهمت واشنطن في اشتعالها؟

يملك قوة تشريعية غير مسبوقة

في إعلانه عن فوزه الساحق على منافسه، أكد دونالد ترامب وهو يهنئ أنصاره أن الولايات المتحدة ستدخل “عصرًا ذهبيًا” جديدًا، خاصة مع سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ، متعهدًا باستعادة السيطرة الداخلية وتوحيد الصفوف السياسية لتحقيق رؤيته.

في هذه الولاية الثانية، عاد ترامب ليرأس الولايات المتحدة ومعه قوة تشريعية لم تتوفر له في فترة رئاسته الأولى، فالكونجرس بمجلسيه: “النواب والشيوخ” يسيطر عليه الحزب الجمهوري وهو ما يمنح ترامب قدرة أكبر على تنفيذ أجندته السياسية دون عوائق كبيرة، كما أن هذا الدعم التشريعي يسمح له بتعيين قضاة في المحاكم العليا، وبالتالي ترسيخ نفوذ حزبه لعقود قادمة، وهو ما يعتبره الكثيرون جزءًا من خطته لإعادة صياغة التوازن السياسي داخل الولايات المتحدة.

لكن في الوقت ذاته يرى البعض أن هذه السيطرة وانعدام التوازن داخل السلطة التشريعية قد يفتح المجال أمام سياسات متطرفة، إذ أن ضعف الرقابة من الكونجرس قد يسمح بقرارات قد تثير استياء الداخل الأمريكي وقلق المجتمع الدولي، خاصة إذا استخدم ترامب هذه السلطة لدفع أجندات حزبية دون النظر للمعارضة.

هذا التخوف يزداد أكثر مع ما يراه البعض بأن ترامب قد يظهر هذه المرة بصورة “المنتقم” الذي يسعى لتصفية الحسابات مع خصومه المحليين والدوليين على حد سواء، خصوصاً وأنه يشعر -بحسب مراقبين- أن فترة رئاسته السابقة أجهضت من قِبل المؤسسة التقليدية.

الانتقام من خصومه في الداخل

داخلياً، لدى ترامب قائمة طويلة من الخصوم الذين قد يسعى للرد عليهم، بدءًا من المؤسسة الإعلامية التي اعتبرها “عدوة للشعب” وصولاً إلى قيادات حزبه الجمهوري الذين نأوا بأنفسهم عنه في فترات حرجة، كما أن منصات التواصل الاجتماعي التي حظرته سابقاً قد تكون في دائرة الاستهداف، حيث يُتوقع أن يعيد ترامب التفكير في تنظيمات وقوانين تؤثر على هذه المؤسسات، وهو ما يهدد بتفاقم حالة الانقسام السياسي التي كانت أحد أبرز سمات فترة حكمه الأولى.

المشهد في الشرق الأوسط

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتوجه الأنظار إلى موقفه من العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والأراضي المحتلة، حيث عُرف في ولايته الأولى بانحيازه الواضح لإسرائيل، فقد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، مما عمّق الانقسامات وزاد من تعقيد الصراع، والآن ومع وعوده المتكررة بـ”إعادة الهدوء” و”عدم إشعال الحروب” يتساءل الكثيرون عما إذا كان سيبقي على دعمه المطلق لإسرائيل أو سيبذل جهودًا جدية لتحقيق السلام.

سياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط في ولايته الأولى كانت تميل إلى الحدة وفرض الهيمنة،  فهل سيستمر في هذا النهج؟.. البعض يرى أن ترامب قد يعود بسياسات أشد، محاولًا تعزيز الضغط على إيران بشكل أكبر، وربما الدفع نحو اتفاقات جديدة لكن بشروط صارمة، وإذا ما سعى لإعادة ترتيب التحالفات وفقاً لمصالح اقتصادية وعسكرية محددة، فإن هذا قد يرفع من مستويات التوتر في المنطقة.

المواجهة مع الصين وروسيا

فيما يتعلق بالقوتين العظمتين “الصين وروسيا”، يبدو أن ترامب لن يتخلى عن نهجه المتشدد تجاه الصين، التي لطالما اعتبرها التهديد الأكبر للاقتصاد الأمريكي، إذ لم يخفِ معارضته الشديدة لنفوذها المتزايد على الساحة الدولية، وبالنظر إلى تعهداته السابقة باتخاذ إجراءات صارمة تجاه الاقتصاد الصيني، يتوقع أن تصعد واشنطن من استراتيجياتها للحد من نفوذ بكين في مختلف المجالات، مما قد يشعل موجة جديدة من “الحروب الاقتصادية” والمواجهات السياسية التي لن تقتصر تداعياتها على البلدين فحسب، بل قد تؤثر على الأسواق العالمية بأكملها.

أما روسيا، فعلاقته بالرئيس فلاديمير بوتين كانت دائماً موضع تساؤل؛ فترامب يعتبر بوتن حليفًا غير مباشر، وهنا فأن سياسة ترامب قد تسمح لروسيا بمواصلة طموحاتها الجيوسياسية دون تدخل أمريكي قوي، خاصة في أوكرانيا.

النسخة الجديدة من ترامب؟

الولايات المتحدة الأمريكية، منذ انتخاب ترامب لولاية جديدة، تبدو وكأنها أمام منعطف كبير؛ العالم بأسره يترقب بحذر هذه المرحلة، حيث ستكون ملامح الإدارة الجديدة مؤشراً رئيسياً لمعرفة ما إذا كانت واشنطن ستعيد توازناتها التقليدية أو ستذهب نحو توترات وصراعات جديدة.

ترامب، الذي لطالما وُصف بالمتهور والمندفع، يأمل بعض المحللين أن يفاجئ الجميع بنهج “عقلاني” أكثر توازناً، يعتمد على تقليص التدخلات الخارجية بهدف التركيز على إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، ما قد يمنح العالم فترة من “الهدوء النسبي”، في حين يخشى البعض الآخر أن يكون ترامب أكثر “جنونا” واستعدادا لإظهار أن سلطته لا يمكن تجاوزها أو النيل منها، مهما كان الثمن.

ويبقى السؤال معلقاً: هل سيواصل ترامب مساراً متشدداً يشعل التوترات في العالم وسيعيد أمريكا إلى دور “الشرطي العالمي” الذي يتدخل في كل شيء، أم سيستخدم سلطته التنفيذية لتعزيز الاستقرار والسلام وسيترك الساحة الدولية لأعداء الأمس ويعيد بناء الداخل؟.

والإجابة حتماً ستكون في طيات الأسابيع والشهور المقبلة، وستكشف قراراته عن نواياه الحقيقية وتوجهاته، خاصة وأن العالم كله يراقب بحذر متوقعًا ما إذا كانت هذه الولاية ستتسم بالاستقرار أم بتصاعد التوترات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية.

دونالد ترامب
دونالد ترامب

اقرأ أيضا

اخترنا لك