الأربعاء 24 سبتمبر 2025
spot_img

تراجع قوة حزب الله.. ضربات موجعة واستنزاف عميق

spot_img

معاناة في صفوف “حزب الله” تتفاقم، وسط ضربات إسرائيلية استباقية واستنزاف للقدرات العسكرية، فضلاً عن تزايد الضغوط على بيئته الحاضنة، ما يضعه في موقف استراتيجي غير مسبوق، بحسب خبراء.

تداعيات حرب 2006

منذ حرب تموز 2006، سعى “حزب الله” إلى تعزيز ترسانته الصاروخية بهدف فرض معادلة ردع، بينما الحرب السورية منذ 2011، وسعت نفوذه عبر خطوط الإمداد من دمشق، وقاعدة مصياف لتصنيع الصواريخ الثقيلة.

إلا أن تبدل موازين القوى وسقوط النظام السوري أضعفا هذا العمق الاستراتيجي، لتزيد حرب 2024 من استنزاف بنيته العسكرية وتآكلها.

تغيير قواعد الاشتباك

خلال فترة الإسناد الناري الممتدة بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024، عمدت إسرائيل إلى تغيير قواعد الاشتباك، فبعد استهداف المخازن والراجمات واغتيال القادة الميدانيين، انتقلت إلى قصف منازل عناصر الحزب داخل القرى، بعد توجيه إنذارات مسبقة للسكان.

تكلفة اجتماعية باهظة

الخبير الأمني رياض قهوجي يوضح أن هذا التحول رفع التكلفة الاجتماعية بشكل كبير، فالدمار والنزوح المستمر أثقلا كاهل البيئة الحاضنة، الأمر الذي انعكس سلبًا على الوضع الداخلي والعسكري للحزب.

العميد المتقاعد سعيد قزح يؤكد أن القدرات البشرية الهجومية والدفاعية الضخمة التي بناها “حزب الله” منذ عام 1985، إضافة إلى الترسانة العسكرية المتطورة، تبخرت في اليوم الأول من القتال الفعلي مع إسرائيل.

ضربات استباقية موجعة

يشير قزح إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن مهاجمة نحو 1800 هدف في البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، والتي كانت عبارة عن مراكز تخزين أسلحة وذخائر، ما أدى إلى تدميرها بالكامل.

شلل في قوة الرضوان

سلسلة الاغتيالات المركزة أصابت “قوة الرضوان” في الصميم، وأضعفت قدرتها على التخطيط للعمليات النوعية، والاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي بات يشل قدرات الحزب ويمنعه من تنفيذ أي عمليات نوعية.

يضيف قهوجي أن إسرائيل باتت قادرة على قراءة تحركات الحزب وخطواته بدقة، ما وضعه في حالة عجز استراتيجي لم يشهدها من قبل.

عملية البيجر والخسائر

قزح يوضح أن عملية “البيجر” أوقعت “قوة الرضوان” في الفخ، بعدما كانت مؤهلة للتوغل نحو الجليل واحتلال مزارع شبعا وكفرشوبا، فالعملية أدت إلى سقوط قتلى وجرحى ومعوقين، ما أخرج هذه القوة من الحسابات القتالية.

ترسانة محدودة القدرات

مع تراجع القدرة على إطلاق رشقات صاروخية كثيفة بفعل الضربات الاستباقية، لجأ الحزب إلى المسيرات الهجومية والاستطلاعية منخفضة التكلفة، لكن قهوجي يقدر أن ما تبقى من ترسانة الحزب لا يتجاوز 30 بالمئة من الصواريخ قصيرة المدى المصنعة محليًا، إضافة إلى بعض المسيرات، وقليل من الصواريخ بعيدة المدى المخزنة في السلسلة الشرقية.

تحول غير مؤثر

يرى قهوجي أن هذا التحول لم يشكل بديلا حقيقيا لبناء كتلة نارية مستدامة، بل أبقى قدرة الحزب محصورة في الإيلام الموضعي.

قزح يشير إلى أن إسرائيل استمرت في استهداف مراكز الحزب، فدخلت القرى الحدودية ودمرتها، وفتشت المغاور والأنفاق وفجرتها، كما فجرت مستودعات الذخيرة في مختلف المناطق اللبنانية.

تدمير مصانع الصواريخ

يضيف قزح أن مصانع الصواريخ والطائرات المسيرة التي كانت قائمة في سوريا، دمرتها عملية إنزال للكوماندوز الإسرائيلي، وذلك قبل سقوط النظام السوري الذي كان يشكل الممر الأساسي للإمدادات.

قطع خطوط الإمداد

قهوجي يرى أن سقوط النظام السوري منع الحزب من ترميم وضعه، لأن سوريا كانت مركز تصنيع السلاح وممر عبوره إلى لبنان، فمصنع مصياف كان المصدر الأساسي لكل الصواريخ الثقيلة، ومع توقفه خسر الحزب ركيزة أساسية في توازنه العسكري.

قدرات تصنيع محدودة

ويضيف أن الحزب لم يبق أمامه سوى تصنيع محدود لصواريخ “الكاتيوشا” و”الغراد” وتجميع بعض المسيرات، إضافة إلى أنفاق قليلة العدد، مشددا على أن أي حرب مقبلة قد تكون الأخيرة.

فقدان الدعم الإيراني

قزح يلفت إلى أن سقوط النظام السوري الموالي للحزب وقيام سلطة معادية له، قطعا شريان الإمداد الإيراني بالسلاح والدعم اللوجستي والمالي، وهو ما أفقد الحزب مصدره الأول للتسلح.

خسائر بشرية كبيرة

يضيف قزح أن الحزب خرج من معادلة القتال ضد إسرائيل، ولا سيما بعدما اعترف الأمين العام للحزب نعيم قاسم شخصيا بسقوط نحو 6 آلاف قتيل و13 ألف جريح ومعاق، أي نحو عشرين ألفا خارج المعركة العسكرية.

تراجع التأييد الشعبي

قهوجي يرى أن الوضع الشعبي تغير كثيرا، فهناك معاناة مستمرة داخل البيئة الحاضنة، وعائلات كثيرة لا تزال خارج بلداتها، ودور كثيرة مدمرة، والرأي العام في لبنان انقلب بشكل كبير، وقوى كانت حليفة للحزب ابتعدت عنه، وهذا التحول ينعكس مباشرة على وضعه الداخلي والعسكري.

يتقاطع هذا مع ما يقوله قزح الذي يرى أن “حزب الله” لم يعد يمتلك قدرة قتالية في مواجهة الجيش الإسرائيلي، بعدما فقد شريان الإمداد، وتعرض لضربات قاصمة طالت جميع مخازنه وبناه التحتية، حتى شمال الليطاني حيث دمرت مراكز عسكرية.

دعوات لنزع السلاح

ويختم قزح بالقول: “سياسيا، تخلى معظم حلفاء الحزب عنه، وباتوا يدعونه إلى السير بخطة الحكومة لحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، وتطبيق الدستور واتفاق الطائف، قبل حتى الوصول إلى تطبيق القرارات الدولية”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك