أثار بيان جماعة الإخوان المسلمين بشأن وقف إطلاق النار في غزة اهتماماً واسعاً بين الخبراء، الذين اعتبروا أن الجماعة تسعى إلى تعزيز وجودها السياسي عبر البوابة الفلسطينية.
تحول في الخطاب السياسي
في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوفد المفاوض لحركة حماس، خليل الحية، من القاهرة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني، كان ذلك مؤشراً على تحول كبير في خطاب الحركة وطريقة تفكيرها، وفقاً لآراء الخبراء. وتزامن هذا الإعلان مع صدور بيان جماعة الإخوان بعد ساعتين فقط، وهو ما اعتبره المختصون “غير مصادف”.
تحول مفردات الخطاب
وأشار اللواء عادل عزب، مساعد وزير الداخلية المصري السابق، إلى أن خليل الحية تحدث بلهجة سياسية أكثر من كونه مقاتلاً، حيث أشار إلى “ضمانات من الإدارة الأمريكية والوسطاء”، مما يعكس تغيراً جذرياً في العلاقة مع واشنطن بعد سنوات من التوتر.
وأكد عزب أيضاً أن لغة الخطاب تغيرت من مصطلحات مثل “الطوفان” و”المعركة” إلى “الانسحاب” و”تبادل الأسرى”، مما يعكس سياسة جديدة تهدف إلى إعادة صياغة الرواية بلغة مقبولة دولياً، بعيداً عن الهيمنة الثورية.
تزامن مريب
لفت عزب إلى أن بيان جماعة الإخوان صدر مساء الخميس، تلاه خطاب خليل الحية بعد ساعتين، مما يدل على وجود تنسيق واضح في الخطاب، وهو ما يعزز فكرة أن توجيهات التنظيم تُنفذ بسرعة عبر ذراعه الميداني في غزة.
وقد أكد الحية في خطابه على أهمية القوات في غزة، قائلاً “سلام على رجالها ونسائها وأطفالها…”، وهو ما يعكس تحول الموقع من المقاومة إلى السياسة.
الخطاب الموحد
عندما نحلل بيان الإخوان وخطاب الحية، نكتشف أن كلاهما يمثل وجهان لعملة واحدة، حيث يتبادلان الإشادة بالوسطاء ويقدمان الهدنة كنصر سياسي.
وأوضح عزب أن حركة حماس تغيرت من الشرعية الثورية إلى الشرعية السياسية، مما سمح لها بالحصول على اعتراف دولي وغطاء دبلوماسي وتأثير تفاوضي في المنطقة.
رسائل استراتيجية
من جهته، اعتبر الكاتب الصحافي محمد مخلوف أن بيان جماعة الإخوان ليس مجرد رد فعل على أزمة سياسية، بل هو رسالة استراتيجية تؤكد أن الجماعة قادرة على إعادة التموضع من خلال القضية الفلسطينية.
وأشار أن الطرفين استخدما لغة مشتركة تعزز فكرة أن الإسلام السياسي لم يمت بل يعيد صياغة نفسه من جديد، معتبراً أن البيان كان يمزج بين المقاومة والسياسة.
تحليل اللغة المحسوبة
وكالة مخلوف إلى أن البيان تضمن عبارات لتبرئة جماعة الإخوان من أي ارتباط مباشر بحركة حماس، مما يعكس نية التنظيم الحفاظ على تأثيره دون التعرض للملاحقة.
وأوضح أن الرسائل المستترة في بيان الإخوان تشمل التأكيد على أنهم المحرك الفكري لحماس، محذرين من أن تنظيمهم يسعى للعودة إلى المشهد بلغة أكثر دبلوماسية ولطفاً.