لا تزال تداعيات استخدام تطبيق «سيغنال» من قبل المسؤولين الأمريكيين تتردد في أروقة العاصمة واشنطن، حيث أُثيرت المخاوف بعد الإعلان عن المزيد من الرسائل المتبادلة عبر التطبيق واستخدام البريد الإلكتروني الخاص في مراسلات حساسة. وأعلن المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) هذا الأسبوع عن فتح تحقيق في استخدام وزير الدفاع بيت هيغسيث للتطبيق، مما أدى إلى تصاعد الدعوات لانسحاب أو إقالة الوزير، إضافة إلى دعوات مماثلة تخص مستشار الأمن القومي مايك والتز.
تحليل تداعيات «سيغنال»
يتناول برنامج «تقرير واشنطن» الذي يتم بالتعاون بين «الشرق الأوسط» و”الشرق»، تداعيات حادثة استخدام تطبيق «سيغنال» وما إذا كانت الحركة الحالية للمطالبة بإقالة هيغسيث ستؤدي إلى نتائج ملموسة، أم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيواصل دعم فريقه في مواجهة هذه الأزمة. كما يستعرض البرنامج الاجراءات المتبعة في مناقشة قضايا حساسة مثل شن الضربات العسكرية، والخطوات التي اتخذها البيت الأبيض لتفادي تكرار هكذا حوادث في المستقبل.
في هذا السياق، عبّر آدم كليمنتس، مدير السياسة الخارجية السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، عن استيائه من تداوُل الرسائل بين المسؤولين الأمريكيين عبر تطبيق «سيغنال»، مشيراً إلى ضرورة الحفاظ على سرية المعلومات لضمان سلامة العمليات العسكرية وشركاء الولايات المتحدة. وأضاف كليمنتس أن رد فعل البيت الأبيض على الحادثة يوحي بأن ثمة أوجه قصور في الالتزام بالبروتوكولات المعتمدة.
خرق البروتوكولات
من جهته، اعتبر كريس بينتر، المسؤول السابق لمكافحة القرصنة السيبرانية، أن ما حدث يمثل خرقاً واضحاً للبروتوكول، مشيراً إلى دقة وحساسية المعلومات المتداولة التي تشمل تفاصيل تتعلق بالغارات العسكرية. وأكد بينتر أن تبادل معلومات حيوية أثناء الهجمات يمكن أن يعرض الأرواح للخطر، رغم أن منصة «سيغنال» آمنة من حيث التشفير.
وقد أثارت حادثة «سيغنال» استنكاراً واسعاً من كلا الحزبين، حيث صرّح مايكل بريجينت، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية، بأن وزير الدفاع شارك معلومات حساسة مرتبطة بوقت الهجمات، مما يتعارض مع مبادئ السرية المطلوبة عادةً في مثل هذه المهمات. وأشار بريجينت إلى أن استمرار الحديث عبر التطبيق لأيام ثلاثة يشكل تهديداً محتملاً، خصوصاً لو كانت المهمة موجهة ضد عدو أكثر قوة.
البروتوكولات المعتمدة
ومع وجود عدد من المسؤولين البارزين الذين شاركوا في هذه المحادثات، يتساءل الكثيرون عن عدم اتباع البروتوكولات الرسمية المعتمدة في العمليات العسكرية الحساسة. حيث يفيد بينتر أن الحكومة تنفق ملايين الدولارات على إنشاء مراكز آمنة للتواصل بين المسؤولين، وتوجد هذه المراكز في جميع المكاتب الوزارية. وينبغي أن تُستخدم في الأوقات الحساسة بدلاً من تطبيقات غير مصممة تحديداً لهذا الغرض.
ويشير كليمنتس إلى أن المنصات مثل «سيغنال» تُستخدم عادةً للتواصل الروتيني في السفارات، ولكن عند التعامل مع موضوعات تتعلق بالسياسات الخارجية الحساسة، تقتضي الضرورة الالتزام بالبروتوكولات الرسمية، مشيراً إلى توقع الدول الحليفة أن تحمي الولايات المتحدة المعلومات التي تقدم لها.
المسؤولية والمساءلة
يتعرض وزير الدفاع الأمريكي لدعاوى قوية بسبب دوره في استخدام التطبيق، الأمر الذي أدى لفتح تحقيقات داخلية. ويرى بريجينت أن افتقار المساءلة يرتبط بالانقسامات الحزبية القائمة، مُشيراً إلى أن غياب الأصوات الداعية للمسائلة يعمق الأزمة. ويعد هيغسيث هو المسؤول الأبرز الذي يجب أن يقدم استقالته إثر هذا الخرق الأمني.
على الرغم من إعلان البيت الأبيض أنه أغلق التحقيق، إلا أن كليمنتس يعتقد أنه قد يُعاد فتحه بعد ظهور معلومات جديدة حول الدردشات عبر البريد الإلكتروني و”سيغنال». وأبرز الكلي أنه من غير المرجح أن يتخذ ترمب قراراً بإقالة أي مسؤول في وقت مبكر من إدارته الحالية.
وفي ختام التعليق، يشير بينتر إلى أن حادثة «سيغنال» ليست محصورة في إطار حزبي، وإنما تعكس واقعاً مؤسفاً في واشنطن حيث تفتقر المساءلة إلى الاعتراف بالخطأ. مما يجعل من الصعب على المقيّمين تقييم الأمور بشكل موضوعي.