كشفت تسريبات إسرائيلية عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، من خلال الاعتماد على “سلسلة من التقارير الكاذبة” التي قد أضرت بالعلاقات مع مصر. وتداولت هذه التقارير مزاعم حول تسليح الجيش المصري في سيناء، مما اعتبره دبلوماسيون وعسكريون سابقون في مصر “دعماً للموقف المصري”، حيث أشاروا إلى أن تجاهل نتنياهو كان متعمداً في إطار خطة استراتيجية تخدم مصالحه الشخصية حتى وإن كانت على حساب العلاقات مع القاهرة.
تقارير مُثيرة للجدل
وبحسب صحيفة “إسرائيل هيوم”، تضمنت التقارير مزاعم بأن مصر تُشيّد قواعد هجومية في سيناء. وقد أعاد السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، نشر هذه المعلومات، كما ترددت أيضاً مزاعم بأن شخصيات بارزة في المخابرات المصرية تقاضت عمولات لتهريب الأسلحة، ووجود تواطؤ مصري في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر.
وقد احتجّت مصر على هذه الحملة، وأثارت القضية في اجتماعات مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين، ولكن دون جدوى. الأمر الذي عزز الخلاف بين البلدين.
دوافع سياسية
جدّد السفير حسين هريدي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، التأكيد على أن تجاهل نتنياهو لم يكن عفوياً، بل كان جزءاً من استراتيجية تهدف إلى تعزيز مصالحه. وأضاف في حديثه لـ “الشرق الأوسط”: “تصوير الخطر على الحدود من جانب مصر يساهم في تعزيز التأييد الشعبي لنتنياهو في إسرائيل.” واعتبر هريدي أن مثل هذه الاتهامات يستخدمها نتنياهو للتغطية على القضايا الداخلية.
كما أشار هريدي إلى أن التسريبات التي أظهرت تجاهل نتنياهو للتحذيرات الأمنية قد تكون ذات دلالة في إطار سعيه للم شمل المواقف قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي. لكنّه أبدى قناعة بأن نتنياهو سيعود لترويج اتهاماته بشأن الحشد العسكري المصري في سيناء إن كان ذلك يخدم مصالحه السياسية.
خلافات قائمة
تتسارع الخلافات بين مصر وإسرائيل حول الأوضاع في قطاع غزة، حيث تحمل مصر إسرائيل مسؤولية عدم تنفيذ المرحلة الثانية من “اتفاق وقف إطلاق النار” وفتح معبر رفح، فيما تسعى إسرائيل إلى منح حق المرور في اتجاه واحد. ومن القضايا المطروحة أيضاً ملف تهجير الفلسطينيين والوجود الإسرائيلي في “محور فيلادلفيا”.
يواصل الجيش الإسرائيلي إصدار بيانات رسمية تُشير إلى إسقاط طائرات مسيَّرة تحاول تهريب أسلحة من الأراض المصرية، وهو ما تكرر عدة مرات في أكتوبر الماضي.
ردود فعل مصرية
واعتبر ضياء رشوان، رئيس “الهيئة العامة للاستعلامات” في مصر، أن الاتهامات الإسرائيلية حول تهريب السلاح من مصر باتت خطاباً مكرراً، مشيراً إلى أن القاهرة مُتعبة من هذه الادعاءات التي يتم استخدامها لإلقاء اللوم على آخرين في الأوقات الحرجة.
وفي سبتمبر الماضي، قوبل تصريح نتنياهو حول حشد مصر قواتها في سيناء بتأكيد من “الهيئة العامة للاستعلامات” بأن نشر القوات تم بالتنسيق الكامل مع أطراف معاهدة السلام.
خطة إسرائيلية
ورأى اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري، أن كل يوم يكشف زيف الروايات الإسرائيلية. واعتبر أن ادعاءات نتنياهو تأتي في إطار خطته لخدمة مصالحه الانتخابية.
بدوره، قال اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات المصرية الأسبق، إن الأحاديث الإسرائيلية تشكل محاولة للتغطية على خروقاتهم. وأكد أن مصر تدرك تماماً أغراض هذه التصريحات، ولن تنجرف خلفها، محذراً من العواقب السلبية لهذه الادعاءات ضد مصر.