أعلنت الصين بأن الحوض الجاف الضخم في حوض بناء السفن لشركة CSBC Corporation في كاوهسيونغ بتايوان قد غمرته مياه البحر، مما سمح للغواصة “هاي كون”، التي تُعتبر أول غواصة تم بناؤها بشكل محلي، بالطفو لأول مرة. وقد تم تأكيد هذا الإنجاز من قبل وزارة الدفاع الوطنية التايوانية، مما يشير إلى أن الغواصة في طريقها للاختبارات البحرية المقررة في أبريل 2025، وهي خطوة حاسمة في برنامج يهدف إلى تعزيز الدفاعات البحرية للجزيرة في ظل تصاعد التحديات الصينية.
تحول ملحوظ
تمثل غواصة “هاي كون” قفزة نحو الاعتماد على الذات، في وقت كانت فيه تايوان تعتمد بشكل كبير على غواصات قديمة مستوردة. هذا الإنجاز له تأثيرات عميقة ليس فقط على القوات المسلحة التايوانية، ولكن أيضاً على استراتيجيتها العسكرية في منطقة تكثر فيها التوترات.
قائد البحرية التايوانية، الأدميرال مي تشيا-شو، اعتبر أن غمر الحوض هو شهادة على تقدم البرنامج، مشيدًا بالتحول، حيث قال: “ستعزز هاي كون قدراتنا القتالية تحت الماء وستضمن جاهزية أسطولنا بنهاية العام المقبل.” تعكس هذه التصريحات تفاؤلاً واسع النطاق داخل القوات المسلحة التايوانية، حيث من المقرر أن تنضم الغواصة إلى الأسطول بحلول نوفمبر 2025، مما يمكن أن يغير من قدرة تايوان على ردع أي عدوان في مضيق تايوان.
التحديات والآمال
في إطار حديثه عن هذا الإنجاز، صرح الرئيس لاي تشينغ-تي بأنه يعتبر انتصارًا وطنيًا يعكس تصميم تايوان على حماية سيادتها. حيث قال: “هذه الغواصة هي دليل على عزمنا على حماية سيادتنا”، مما يربط هذا المشروع بالجهود الأوسع لتايوان في مواجهة التهديدات الخارجية. ولكن هناك أيضًا آراء متباينة، حيث حذر ألكسندر هوانغ، شخصية بارزة في حزب الكومينتانغ المعارض، من أن القيمة التكتيكية للغواصة لا تزال غير مثبتة.
الغواصة “هاي كون” بدأت رحلتها ضمن برنامج الغواصات الدفاعية المحلية الذي تم إطلاقه في عام 2016، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز القوة البحرية لتايوان. كان البرنامج قد مخصص له ميزانية تصل إلى 8.88 مليار دولار لبناء أسطول من ثماني غواصات بحلول عام 2038.
سمات تقنية
تعتبر “هاي كون” غواصة متطورة، تتميز بتصميمها الفريد الذي يلبي متطلبات بيئة العمليات الخاصة بتايوان. يبلغ طولها حوالي 260 قدمًا مع إزاحة تتراوح بين 2460 و2950 طنًا، مما يعكس تصميمًا مدروسًا يجمع بين الكفاءة والقدرة على التخفي في المياه الضحلة لمضيق تايوان.
مزودة بنظام دفع هجين، يتكون من بطاريات محلية الصنع واثنين من محركات الديزل MTU 12V 4000، يمكن أن تصل سرعتها إلى 20 عقدة تحت الماء، وتتيح لها نطاقًا يتجاوز 2000 ميل بحري، مما يوفر لها ميزة كبيرة في المياه المتنازع عليها.
الأسلحة والتسليح
تتمتع “هاي كون” بقدرات تسليحية متقدمة، حيث تحتوي على ست أنابيب طوربيد عيار 533 مم، مما يتيح لها استخدام طوربيدات MK-48 Mod 6 الأمريكية، القادرة على ضرب السفن السطحية والغواصات على مسافات تصل إلى 24 ميلًا. إضافةً لذلك، من المحتمل أن تحمل الغواصة صواريخ مضادة للسفن مثل “هارpoon Block II”.
تعتبر الأنظمة الإلكترونية المتطورة، بما في ذلك مجموعة السونار المستندة إلى نظام AN/BQQ-10، من العوامل التي تعزز قدراتها على اكتشاف ومتابعة التهديدات، بالإضافة إلى نظام إدارة القتال المخصص من تقنيات شركة لوكهيد مارتن، مما يوفر صورة تكتيكية واضحة للطاقم الذي يتكون من 30 إلى 40 فردًا.
التحديات الجيوسياسية
تحدث هذه التطورات في وقت يشهد فيه التوتر في المنطقة تصاعدًا. حيث توسعت البحرية الصينية بشكل سريع، مع وجود 48 غواصة كهربائية تعمل بالديزل وأساطيل نووية متزايدة، مما جعل من الغواصة “هاي كون” وسيلة هامة للتوازن في المنطقة.
ولكن، مع عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2025، سادت حالة من عدم اليقين بشأن قدرة تايوان على الحفاظ على دعمها الدفاعي، مما يعيد إلى الأذهان أهمية هذا الإنجاز. تعد “هاي كون” أكثر من مجرد غواصة؛ إنها تجسد تطلعات الأمة، في ظل اعتبارات استراتيجية معقدة تضعها على المحك.
بينما تستعد “هاي كون” للغوص تحت الأمواج، فإنها تحمل على عاتقها آمال أمة كاملة، عازمة على تجاوز التحديات ولعب دورها في مواجهة القوى المتزايدة في المحيط الهادئ.