الثلاثاء 14 أكتوبر 2025
spot_img

بعد غزة.. ترمب يختبر دبلوماسيته الهجومية في أوكرانيا

spot_img

واشنطن تعيد رسم خريطة النفوذ العالمي، مستندة إلى تجربة غزة، في محاولة لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية المعقدة. الرئيس ترامب، الذي يتبنى أسلوبًا دبلوماسيًا يعتمد على الضغط والمناورة، يواجه تحديات أكبر في الملف الأوكراني، حيث الخصم أقوى والبيئة الجيوسياسية أكثر تعقيدًا.

استعادة الثقة بالنفس

نجاح ترامب في غزة، يُنظر إليه على أنه استعادة لهيبة القرار الأميركي. الرئيس، الذي اتُهم بالانسحاب من الشرق الأوسط، يظهر قدرته على فرض اتفاق في ملف معقد. هذا النجاح، يراه خصومه محدود النطاق، وغير قابل للتطبيق في الملفات الكبرى، فروسيا ليست حركة مقاومة، وبوتين ليس خصمًا يسهل عزله.

تغير المزاج السياسي الأميركي، المدعوم من قاعدة انتخابية ترى في الصرامة عنوان القوة. ترامب يميل إلى دبلوماسية هجومية، توظف عنصر المفاجأة، وتقوم على الصفقات السريعة.

رهانات كييف على واشنطن

ارتفعت نبرة التفاؤل الحذر في كييف، قبل زيارة الرئيس زيلينسكي إلى واشنطن. بعض التسريبات تشير إلى إمكانية طرح ملف تسليم صواريخ “توماهوك” بعيدة المدى، القادرة على إصابة أهداف في العمق الروسي.

إدارة ترامب تستخدم هذا الملف ورقة ضغط سياسية أكثر منها عسكرية. التهديد بإرسال تلك الصواريخ يهدف إلى خلق ضغط نفسي على الكرملين لحمله على التفاوض. كييف مصممة على تحويل هذه الورقة إلى واقع، فالحرب بالنسبة إليها معركة بقاء تتطلب أدوات جديدة.

بوتين ومأزق الحرب

موسكو تراهن على الزمن الطويل بوصفه حليفها الأول. بوتين يدرك أن المجتمع الغربي يعاني من تعب الحرب، وتراجع الحماسة الشعبية لمواصلة الدعم المالي والعسكري لكييف. الأزمات الداخلية في أوروبا، من التضخم إلى الهجرة، جعلت الشعوب أقل استعدادًا لدفع تكلفة حرب لا تبدو قريبة النهاية.

مع ذلك، كلما طال أمد الحرب، ازدادت عزلة روسيا الاقتصادية، وتفاقمت حاجتها إلى الأسواق الآسيوية. الانقسامات الغربية قد تمنح بوتين الوقت، لكن ترامب قد يعيد تعريف قواعد اللعبة بسرعة غير متوقعة.

الدور الصيني المتعاظم

الدور الصيني المتعاظم في دعم روسيا يمثل تحديًا لأي مبادرة أميركية. صادرات الصين إلى روسيا ارتفعت بنحو 70 في المائة، خصوصًا من الكابلات الليفية والبطاريات الليثيومية، المستخدمة في صناعة الطائرات المسيَّرة.

بكين اختارت مسار دعم تقني غير مباشر، يمنحها هامش إنكار سياسي مع الاستمرار في تمويل المجهود الحربي الروسي. واشنطن تختار حاليًا لغة مزدوجة: انتقاد معلن، ومحادثات خلف الكواليس، في محاولة لضبط التوتر التجاري، وفتح نافذة تفاهم جزئي حول الملف الأوكراني.

دبلوماسية الصفقات والحدود الأخلاقية

ترامب يمارس نوعًا جديدًا من الدبلوماسية لا يقوم على القيم ولا على التحالفات، بل على الصفقات والنتائج. هذه المقاربة قد تنجح حيث فشلت البيروقراطية التقليدية، لكنها تثير تساؤلات حول استدامة تلك النتائج ومصداقيتها.

أي “صفقة كبرى” محتملة بين واشنطن وموسكو ستثير جدلاً أخلاقياً داخل الغرب. التنازل عن أجزاء من الأراضي الأوكرانية، قد يُفسّر كاستسلام سياسي لقوة الغزو.

البيت الأبيض واختبار القيادة

نجاح ترامب في غزة منحه رصيدًا سياسيًا داخليًا يمكن استثماره في أوكرانيا. هذا النجاح نفسه قد يتحول عبئًا إذا فشل في تحقيق نتيجة ملموسة في أوروبا. الناخب الأميركي يهمه صورة الرئيس الذي “يجلب السلام”، ويعيد “الهيبة الأميركية”.

أوروبا تقف في موقع المتفرج القَلِق، بينما تتحرك الدبلوماسية الأميركية بوتيرة سريعة ووحدها. يخشى الأوروبيون أن تنتهي اللعبة بصفقة ثنائية لا تراعي مصالحهم، ولا تحفظ الأمن الإقليمي.

اقرأ أيضا

اخترنا لك